ملاك صدام حسين
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى
ملاك صدام حسين
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى
ملاك صدام حسين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملاك صدام حسين

منتدى فكري - ثقافي - سياسي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود (17)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
صلاح المختار
عضو جبهة التحرير العربية



عدد المساهمات : 147
تاريخ التسجيل : 27/12/2011

اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود (17) Empty
مُساهمةموضوع: اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود (17)   اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود (17) Emptyالأربعاء يناير 04, 2012 8:33 am

اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود (17) 552657368
اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود (17) 927403809
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود (17)
منتدى هديل صدام حسين
صلاح المختار

تذكر دوما ان الاسماك الميته وحدها تسبح مع التيار
مالكولم مكريدج
مثل عالمي

بعد تناول كل ما سبق بتفاصيل كثيرة يتضح لنا اننا الان نواجه مفهومين للثورة واضحين وضوح الشمس احدهما اسمه المفهوم التقليدي للثورة والاخر اسمه المفهوم) الحداثي) الطارئ والجديد للثورة، ورغم اننا شرحنا الكثير من الفروقات عبر عرضنا السابق فان الضرورة تقتضي تقديم تحديد دقيق للفرق بينهما لان ما يجري الان، خصوصا خلط الاوراق والمفاهيم وتمرير حزم من الانحرافات، له صلة سببية مباشرة بالمفاهيم، وهنا لابد من طرح السؤال التالي : ما الفرق بين المفهوم التقليدي العقلاني للثورة والذي التزمت به كل القوى الوطنية الثورية لعدة عقود والمفهوم الحداثي السافر لها والذي نراه بلا عباءة يتستر بها وبلا حتى مايوه بكيني يخفي عورته؟
الثورة التقليدية
ان ما يميز المفهوم التقليدي للثورة هو انها محكومة بعقيدة سياسية وبستراتيجية بعيدة المدى وبتنظيم جماهيري قوي ومقرر (حزب او جبهة)، وتلك هي شروط نجاح الثورة وضمانة جذريتها والطريق الوحيد لوصولها الى اهدافها الحقيقية بلا ردة. دعونا نحلل هذه الحقيقة العيانية والمعاشة في العالم في كل العصور.
1 – العقيدة : لم يشهد التاريخ انعطافا جذريا وانقلابا شاملا وحاسما ونقلات نوعية الا بفضل وجود عقيدة واضحة اعتنقها بشر وارادوا نقلها من افكار الى واقع، فالاسلام هو عقيدة دينية ظهرت لتطهر الانسان من الكفر والشرك من جهة، ولتغير واقعا اجتماعيا فاسدا وظالما من جهة ثانية، والجهة الثانية هذه هي ما يميز الاسلام عن اليهودية والمسيحية واللتان كانتا دعوة دينية روحية معزولة عن التطبيق المادي او التجسيد العملي كنمط للحياة اليومية. وبسبب العقيدة تغير ملايين البشر وقادتهم الطليعة نحو عصر جديد ايماني تسوده العداالة الاجتماعية. والاشتراكية كذلك عقيدة، بكافة مدارسها، تقوم على اسس ولديها اهداف معروفة وواضحة، ومن ينتمي لحزب اشتراكي يعرف انه ملزم بعقيدة اجتماعية لها اهداف يجب ان تتحقق عبر النضال، ولذلك وجدنا في القرن العشرين نظما اشتراكية ماركسية، كما في اوربا الشرقية والصين وكوبا وكوريا الشمالية حققت العدالة الاجتماعية بازالة الفقر والامية وتوفير احتياجات الانسان المادية، كما وجدنا الاشتراكية الديمقراطية في بعض بلدان اوربا الغربية مثل السويد والنمسا توفر نوعا ممتازا من الخدمات الاجتماعية كالخدمات الطبية والتعليم وغيرها في ظل مجتمع سيادة القانون والضابط الدستوري. وفي العراق طبق مفهوم قومي للاشتراكية يتناسب مع ظروفنا الوطنية القومية فكانت تجربة العراق في ظل البعث (1968-2003) ايجابية بانجازاتها الكبيرة في مجالات محو الامية والفقر وتوفير الطب والتعليم المجانيين وتأهيل عشرات الالاف من العراقيين، علميا وتكنولوجيا، بعد تسخير الثروة النفطية لتحقيق تلك القفزة النوعية في حياة العراقيين.
في كل تلك الانظمة والحالات فان العقيدة كانت البوصلة التي تحدد الاهداف الاجتماعية الكبرى الواجبة التحقيق من قبل الحزب الطليعي. وبفضل العقيدة ضعفت واحيانا زالت الحيرة اثناء العمل السياسي التجريبي، لان العقائدي يعرف ليس ما يريده في هذه المرحلة بل هو يعرف ايضا ما يريدة ويناضل من اجله في المراحل القادمة. لا يواجه الضياع في دروب اختيار الاهداف الكبرى بوجود عقيدة واضحة مميزة السمات، تلك هي حصيلة تجارب مئات السنين، لذلك فان تقليدية مفهوم الثورة لا تعني قدمها وتجاوز الزمن لها، فالثورة بحد ذاتها أكبر واعظم عملية تجديد مستمر تبدأ بالانسان وتنتهي بالمجتمع، تغيره بصورة انقلابية اي فورية في فترة ما، وتستمر في تغييره طالما بقيت للانسان حاجات وحقوق، وتقليدية الثورة بهذا المعنى سمة ايجابية وليست سمة رجعية او متخلفة، كما أوحى من استخدمها في تقبل المفهوم الحداثي للثورة، وهي سمة حتمية لمن يريد حماية الثورة بعد وقوعها وتحققها او اثناء صيرورتها وتطورها ومنعها من الانزلاق في مهاوي الانحراف الناجم عن التجريب وغياب الهوية العقائدية، وهي بهذا المعنى بوصلة أبقاء التغيير حقيقيا وجذريا ويخدم الشعب والامة، الامرالذي يجعل هذه الصفة هي النقيض للتجريبية والعفوية والفوضوية والتي تتميز كلها بالافتقار للوضوح في الاهداف الكبرى والتارجح بين هدف واخر.
2 – الستراتيجية : رغم حتمية العقيدة اذا كان المطلوب هو احداث تغيير جذري حقيقي فانها تفقد قدرتها على بناء البديل اذا لم تكن لديها ستراتيجية عظمى تحدد وسائل الوصول للاهداف الكبرى التي وضعتها العقيدة والعمل وفقا لستراتيجيات فرعية، اي مرحلية متعاقبة ومترابطة تكمل احداهما الاخرى في منظومة موضوعة ومقررة سلفا، تناسب كل منها مرحلة معينة من التطور وتحل اشكالات تلك المرحلة. والستراتيجية بهذا المعنى هي عملية عقلنة العمل وترتيب اولوياته فلا تقدم او تغيير بلا ستراتيجية واضحة، ولا ضمانة للنصر الكامل والحقيقي الا بوجود ستراتيجية. والستراتيجية أذن هي الضامن لتجنب العفوية، بكافة اشكالها مثل الارتجال والفوضوية، في العمل الثوري التي تقوم على الهبات المؤقتة والانفعالات الوقتية او تمحور العمل حول هدف واحد وتناسي بقية الاهداف المرتبطة به جدليا وتلقائيا فينجح الثائر في تحقيق الهدف الاول لكنه يخسر نجاحه بعدم النجاح في تحقيق الاهداف الاخرى. والفرق بين العمل الستراتيجي والعمل العفوي واضح جدا : فالعمل الستراتيجي عمل منظم ومتسلس ومتعاقب في خطواته المرسومة، وفي توفير مستلزمات النصر وحسم الصراع، اما العمل العفوي فهو ليس اكثر من رد فعل انفعالي طارئ على حدث كبير وقع دون مبادرة من المشارك فيه، او انه ساهم في تفجيره لكنه عاجز عن فهم كيفية الانتقال من مرحلة اولى الى مرحلة ثانية.
مرة اخرى وكما في العقيدة فان توفر الستراتيجية اقترن بالنجاح في تحقيق الثورة والاهداف الكبرى بينما اقترنت العفوية بالفشل، فالثورات ذات الستراتيجية ونجحت هي ثورات روسيا والصين وكوبا والعراق، اما الانتفاضات التي فشلت وقهرت، فهي التي كانت عفوية مثل الثورة الفرنسية وثورة الشباب في امريكا الشمالية واوربا الغربية في النصف الثاني من الستينيات وانتفاضة الشباب هذا العام في تونس ومصر، وهو ما سنوضحه لاحقا.
3 - التنظيم الثوري : لا تكفي العقيدة ولا الستراتيجية لتحقيق الثورة الحقيقية، لان تفجير الثورة لا يعني النصر بل لابد لضمان النصر من مواصلة النجاح في تحقيق اهداف الثورة بتعاقب مرسوم ومسيطر عليه، وهذا يفترض وجود قوة منظمة قادرة على الامساك بزمام الامور ومنع انفلاتها او نجاح طرف اخر في انتزاع زمام المبادرة ممن فجر الاحداث اصلا وسار الطرف الطارئ بها نحو اهداف تتناقض مع اهداف الثوار الاصليين. ان القوة المنظمة هي احد اهم الشروط العملية لنجاح الثورة ومنع اختطافها او اغتيالها، فاذا وجدت عدة قوة كتل او قوى متناقضة لكنها تلتقي عند هدف مشترك فانها ما ان تصل اليه حتى تشرع في الصراع فيما بينها لاجل الانفراد بالسيطرة على الوضع ودفع التطور نحو مسار اخر مختلف عما بدات به الانتفاضة، ولذلك وفي حالة غياب القوة الواحدة المنظمة فان قيام جبهة وطنية شعبية امر ضروري بشرط التزامها ببرنامج عمل واضح وملزم. ان الثورة تشبه في بدايتها شن الحرب على عدو فلكي تنتصر لابد ان تكون لديك اهداف واضحة وتكون لديك خطة ستراتيجية تترجم تلك الاهداف على مستوى التطبيق، كما ان وجود جيش منظم ومنضبط امر حيوي لتحقيق النصر، والثورة تحتاج لهذه الشروط التنظيمية لكي تحقق النصر وتمنع الفشل والسطو عليها وحرفها وعزل الثوار الحقيقيين.
ما الذي يفرض نفسه بعد هذه الايضاحات؟ ان احد اكبر واهم دروس التاريخ بكافة مراحله هو الدرس التالي : ثمة متلازمة حتمية وهي ان التغييرات الكبرى في التاريخ والواقع الحديث كانت نتاج الدمج الواعي بين ثلاثة عناصر العقيدة والستراتيجية والتنظيم، اما الاحداث الكبرى التي وقعت لكنها تحولت الى فوضى وعنف وحشي بلا اي مضمون انساني عام فهي تلك التي افتقرت لاحد هذه العناصر او كلها واعتمدت فقط، في تفجرها وانطلاقها، على الضغط المباشر المسلط على الجماهير الناتج عن الظلم، والفقر والاستبداد، والغزو الخارجي...الخ، فتفجرت اعمال تغيير منفلتة وعفوية ولا يحكمها تنظيم موحد ومنسجم ولا تنتظم حركتها وتقدمها عقيدة سياسية او ستراتيجية تعقلن العمل الثوري وتنتزعه من برثن العفوية، لذلك وصلت الى الفشل في تحقيق اي هدف غير اسقاط النظام او دحر الاحتلال وتحولت الى صراعات داخلية دموية لم يكن اي طرف من اطراف التغيير يريدها.
حقائق الواقع
امامنا تجارب واضحة تؤكد ما قلنا فما يسمى ب (الثورة الفرنسية) لم تكن ثورة في الحقيقة وانما كانت انتفاضة شعب جوع واهين واستغل ببشاعة فانفجر بدون وجود عقيدة سياسية بديلة للنظام الملكي او ان العقيدة كانت عبارة عن افكار عامة لم تتبلور بعد كحكم القانون والديمقراطية وحكم الشعب... الخ، فخرجت الملايين من الفقراء بقيادة مثقفين كبار او ناقمين لديهم ثقافة عامة، واعدم الملك والملكة وانتهى النظام الملكي واقيمت الجمهورية الفرنسية، ولكن ما ذا حصل؟ هل زال الظلم والفقر والاستغلال؟ كلا طبعا، فقد تواترت وتعاقبت عمليات القتل والتصفيات بين الثوار انفسهم ولم يبق من الثوار قائد واحد للوضع فجاء الحل البونابارتي – تدخل العسكر وسيطرتهم - لينقذ فرنسا من الفوضى المدمرة التي تسبب بها ثوار كانت العفوية محركهم الاول : تقدم الجيش واستولى على السلطة وبدأ عهد نابليون والذي جر فرنسا الى حالة اسوء من حالة النظام السابق، وتمثلت في موت الملايين بسبب حروب نابليون الشهيرة والتي سببت المزيد من الجوع والفقر والظلم والفساد الذي انتقل من فساد عائلة وحاشيتها الى فساد نظام جمهوري بكامله.
كانت الانتفاضة الفرنسية حق مشروع وضرورة لابد منها ولكن كان من قام بذلك بلا عقيدة وبلا ستراتيجية وبلا تنظيم شعبي حقيقي منضبط وواع لمهمته التاريخية، فانفتحت الحدود الفكرية والسياسية وتداخلت وزال التمييز وحل الاجتهاد الفردي فكان طبيعيا حصول الخراب الكامل بعد بروز امثال الجلاد روبسبير الذي اعتمد القتل والتصفيات منهجا له في ابشع مرحلة ارهاب مرت بها فرنسا، بدل البناء والتخلص من حكم فاسد ومستبد وحل مشاكل الشعب التي انتفض من اجلها. ولهذا فان ما حصل في فرنسا لم يكون ثورة بل كان انتفاضة وصلت الى طريق مسدود بعد اسقاط الملك ونظامه فجاء البديل حكم عسكري صارم بعد موجات عنف رهيبة. وهذا الحكم ينطبق على كومونة باريس ايضا.
وفي عصرنا الحديث حصل امر مشابه الى حد كبير من حيث النتيجة، ففي النصف الثاني من ستينيات القرن العشرين تفجرت في اوربا الغربية وامريكا الشمالية انتفاضات شعبية شاملة ضد الرأسمالية وشارك فيها ملايين الشباب (اليساري) متجاوزين اليسار التقليدي بقوة وواضعين اياه في زاوية العزلة، وكان هؤلاء الشباب عبارة عن بشر غاضبين من، وعلى، الاستغلال الرأسمالي وبما ان اليسار والاحزاب العقائدية كانت اسيرة افكار جامدة واختراقات مخابراتية، حصل فراغ سياسي تمثل في عجز اليسار عن تحقيق اهداف وتطلعات الجماهير وتراكمت المظالم والقهر لعدة عقود وتوفرت البيئة المثالية لانفجارات عنيفة لا يمكن منعها لوجود مشاعر رفض اقوى من كل قمع او منع، فحصل ما سمي ب(ربيع ثورات الشباب) في اوربا الغربية وامريكا الشمالية، والذي تمثل في اجتياح الشباب للشوارع والمؤسسات وشل الحياة تقريبا، ولكن ماذا حصل بعد ذلك؟ هل تحققت اهداف الشباب الذي استخدم بعضهم العنف للتعبير عن رفضه وغضبه العارمين؟
كلا لم يتحقق شيء من اهداف وتطلعات الشباب، فقد كانت العفوية والفوضوية هما السمتان البارزتان في تلك الانتفاضات، ولم يكن هناك تنظيم ولا فكر موحد ولا توجد قيادة مركزية قوية بل برزت رموز شبابية استقطبت ملايين الشباب حولها واكتسبت شهرة كبيرة، لكن هذه الرموز كانت عاجزة عن طرح البديل واعجز من ان تفرضه لو كان لديها، فهي قيادة رفض عدمي – نهلستي - لشباب كان يتضايق من ملابسه فكيف يطلب منه وضع برنامج ملزم وحديدي لثورة جذرية؟ وبعد ان تبددت الفورة وتبخر الغضب بتنفيسه بتلك الانتفاضة عاد الجميع الى حالتهم السابقة ولم يبق لهم من أثر سوى الذكريات، وحصل فرق كبير وهو ان الياس ازداد في صفوف الشباب من التغيير، بينما تحولت بعض رموز الانتفاضات الشبابية الى جزء من النظام الرسمي والمثال على ذلك هو المنتفض الفرنسي الذي اكتسب شهرة والف الكتب والفت الكتب حوله وحول (ثوريته) ريجيس دوبريه الذي اصبح مستشارا للرئيس الفرنسي. كما ان بعض من اراد ان يواصل ثورته العفوية والفوضوية تصور ان الفشل في ثورة الربيع الاوربي الامريكي الشمالي كانت بسبب سلميتها فاختار حرب عصابات المدن والتي اجتاحت مدنا اوربية كثيرة مثل منظمة بادر ما ينهوف والجيش الاحمر، وكارولس وغيرها، ولكنها ومرة اخرى ولانها حركات اما عدمية او عفوية ترفض الايديولوجيا والتنظيم الثوري وتعتمد المباردة النخبوية تلاشت كما تلاشت الانتفاضة الملايينية.
مقابل هذه االامثلة القديمة والحديثة لدينا امثلة عملية تؤكد انه لا ثورة حقيقية بلا عقيدة وبدون ستراتيجية وبغياب التنظيم الثوري المركزي، ففي كوبا والصين وروسيا قبلهم، والعراق في ظل البعث، حصلت ثورات وتحقق تغيير جذري عبر عن مطامح واهداف الشعب، حينما قامت نظم ازالت الفقر والامية والظلم الاجتماعي واقامت نظاما تعليميا مجانيا راقيا ونظاما طبيا مجانيا ووفرت السكن والطعام الرخيص، ونقلت البلدان من التخلف الى التقدم العلمي والتكنولوجي والاجتماعي، والسبب معروف : فهذه التغييرات تحكمت بها عقيدة سياسية وستراتيجية بعيدة المدى، وفوق هذا وذاك كان ثمة حزب يقود ويعرف ما يريد من اهداف وخطوات، وكانت لديه اداة تنظم جماهيرية فعالة فكان طبيعيا ان لا يتوقف عند اسقاط النظام بل واصل العملية الثورية فبنى بديلا مختلفا وحقيقيا ضمن للشعب مصلحته. كانت هذه القوى تعرف ما تريد وخططت بدقة وتفصيليا لما تريد من اهداف متعاقبة ومتدرجة فتجنبت هذه الثورات الى حد كبير، في روسيا والصين وكوبا والعراق، العفوية والتجريبية والفوضوية وعملت تحت قيادات مجربة ومعروفة ولديها عقيدة سياسية ووعي ستراتيجي وتستخدم اداة تنظيمية جبارة، فاكدت انه لا ثورة حقيقية بدون الطليعة الواعية والمجربة والمستندة الى الجماهير اهدافا وتنظيما ومطامحا.
ثورة البركان وثورة الانسان
ولكي نضع القارئ الكريم في قلب ما نعنيه يجب التمييز بين بركان الطبيعة وهو يثور بعد ان وصلت ضغوطات المصهورات تحت الارض حدا لم تعد الارض تتحمله، وبين ثورة الانسان في مجتمع انساني فاسد وملغوم ومسيطر عليه من قبل انظمة فاسدة وقوى خارجية معروفة، ففي واقعنا العربي ثمة خلط واضح بين ثورة البركان وثورة الانسان، فالبركان يثور حينما تصبح الضغوط داخل الارض شديدة ولا تحتملها التربة فوقها فتتشقق الارض وتتدفق نيران ومعادن مصهورة وتسيل نحو الوديان حارقة كل شيء في طريقها، لانها عمياء صماء بكماء لا تحركها سوى اليات قوة الانفجارات والضغط الداخلي المتراكم منذ سنوات وربما منذ قرون، فتحرق الاخضر واليابس دون تمييز او وعي. اما ثورة الانسان فهي وان تشابهت مع ثورة البركان في انها نتاج تفجر ما كتم وقمع وخزن من مشاعر رفض وغضب بعد ان وصل مرحلة لا يمكن فيها البقاء دون انفجار، فانها تختلف كليا عن ثورة البركان الاصم والحجري لان الانسان مخلوق حي وثورته عمل حي وواع ومخطط، او على الاقل يحركه وعي بوجود مظالم وانحرافات، لذلك تكون ثورة الانسان محكومة بغاية وهدف واضحين وليس كثورة البركان التي لا هدف يحكمها سوى زخم الانفجار الميكانيكي الاصم.
ان هذا التمييز بين ثورة البركان وثورة الانسان يضعنا امام التشبيه البلاغي لثورة الانسان بثورة البركان، كما في نشيد لبعدالحليم حافظ (يا براكين الغضب)، فهو تشبيه لا يقصد به المطابقة بل توضيح حالة الغضب التي لم تعد قابلة للقمع او الاخفاء، ولكن، ورغم ما سبق تأكيده، حينما يكون الظلم عميقا ومدمرا للانسان فان الانسان البسيط المفتقر للوعي الثوري والذي لا يجد قيادة ثورية تقوده وتحدد طريق خلاصه يتحكم به الوعي الميكانيكي، والفرق بين الوعي الثوري والوعي الميكانيكي، واضح وهو ان الاول محكوم بمنظومة عقائدية وستراتيجية واضحة واطار تنظيمي دقيق فيتحدد مسار تخليص الانسان من الظلم ويقدم له البديل الذي يجب ان يقيمه محل النظام الظالم وتتقدم القوة المنظمة لتحقيق ذلك، اما الثاني اي الوعي الميكانيكي فهو عبارة عن وعي ملتصق بما نريد تغييره ولكنه عاجز عن رؤية البديل بنظرة بعيدة، فالظلم بقوته واشتداده يربك الانسان ويجعله احيانا يقبل اي بديل لواقع الظلم حتى لو كان غامضا وليس من صنعه هو، فالمهم هو التخلص من ظلم الحاضر وليكن ما سيأتي ظلما ولكنه لن يكون بقساوة الظلم الحالي. بهذه المحاكمة الفكرية المباشرة والمحكومة بضغط الظلم الشديد يقع الانسان في فخ الوعي الساذج وهو وعي ميكانيكي خطر على الهدف الاساس للانسان وهو تحرره الحقيقي من الظلم. والعفوية في العمل السياسي وكما اثبتت التجارب كلها هي التي تقود الانسان البسيط وحتى بعض المثقفين الى الوقوع في مطبات الوعي الميكانيكي المباشر لانها تشبه ثورة البركان وتبتعد عن ثورة الانسان.
وثمة مؤشر مهم في اللغة الانكليزية لهذا الفرق بين ثورة الانسان وثورة البركان، ففي اللغة العربية نحن نستخدم مصطلح (ثورة البركان) بينما في اللغة الانكليزية لا يستخدم مصطلح الثورة في وصف انفجار البركان بل مصطلح اخر هو (Eruption) والذي يعني انفجار البركان، وعدم استخدام مصطلح ثورة في اللغة الانكليزية يعود الى الحرص على تحديد المفاهيم فالثورة عمل واع لمخلوق عاقل هو الانسان والطبيعة لا تثور لسبب غائي محدد بل هي تتفجر عندما تتراكم عوامل الضغط الكمية والميكانيكية، لذلك لا يجوز وصف عمل ميكانيكي وطبيعي – نسبة الى الطبيعة – بوصف يصلح لمخلوق راق وحي هو الانسان.
المفهوم الحداثي للثورة
ينتقد البعض المفهوم التقليدي للثورة ويتبنى مفهوما اخرا لم يحدد بدقة لكنه يخرج عن اطارات المفهوم التقليدي، فاذا نظرنا الى المفهوم الذي يروج الان للثورة، خصوصا من قبل الاعلام الامريكي والاعلام التابع لامريكا مثل قناة الجزيرة، نجده عبارة عن مزيج مما يلي :
1 - من المفهوم الشعبي البسيط والتبسيطي والميكانيكي للثورة والذي يعد كل تفجر مسلح او سلمي لكنه عاصف جدا ثورة، بينما هو في الواقع يتراوح بين انتفاضة، كما حصل في تونس ومصر، او عمل مسلح والرد عليه كما حصل في ليبيا، او صراع سياسي بين قوى تتشابه في تكوينها على وجه العموم لكنها تتصارع من اجل السلطة، او ردة مشبوهة تنظمها قوى الثورة المضادة.
2 – ومن المفهوم الامريكي لها الذي يضيف شرط جعل الديمقراطية الهدف الاساس للثورة وعزله عن التحرر من النفوذ او السيطرة الاجنبية وعن التغيير الاجتماعي الجذري.
3 – ومن المفهوم العفوي للثورة الذي يفتقر للقيادة المركزية والواضحة، والاعتماد على كتل شبابية لا خبرة لها وقدرة لديها على استلام الحكم بحكم صغر سنها وعدم صلاحيتها لاستلام الحكم، وانعدام العقيدة المشتركة وتبني ستراتيجية غائمة وعائمة هي اقرب لمخطط انسان منهك وتعبان من القهر فيرى ان الخلاض يمكن ان يتم باي طريقة وثمن وتلك هي الخطوة الاولى نحو الاحتواء وتصفية الانتفاضة وسيطرة اللصوص عليها!
ومن يبحث فيما يجري الان في ليبيا وسوريا واليمن ومصر وتونس ورغم وجود اختلافات واضحة يلاحظ صحة هذا الرأي وصوابه.
لقد قالت العرب بصواب تام (ان الامور بخواتميها) وخواتيم الثورات التي حققت تغييرات عظمى واضحة وثابتة كما رايناها في العراق وكوبا والاتحاد السوفيتي والصين، اما خواتيم (ثورات ربيع العرب) فهي عبارة ان انهر دم تسيل من اجساد العرب فقط وتزرع الثأرات العميقة بين المواطنين العاديين وفتن طائفية وسياسية تتجذر وتتحول الى كابوس انتقامي رهيب، والاخطر انها تنتهي بعد رفض عابر للتدخل الخارجي بطلب التدخل الاستعماري الغربي، فبعد ليبيا التي يجري استعمارها الان بكل وضوح نرى ان اقساما، لاندري كم عددها ولا وزنها في المعارضة السورية، تتبنى خيار احمد الجلبي حرفيا حينما طالبت فيما اسمته عمدا (جمعة الحماية الدولية) يوم 9/9 بتدخل الغرب صراحة ولم نسمع بعد رد الاطراف الاخرى في المعارضة السورية مما يجعلنا نشعر باننا بازاء مشهد أخذ يقترب بسرعة من المشهدين العراقي والليبي، وهنا لابد من طرح سؤال يتكرر طرحه لاهميته : هل يمكن للاستعمار الغربي ان يدعم ثورة حقيقية؟ ام انه منتج الاحتلال والنهب والقهر كما نرى ذلك في فلسطين والعراق؟
يتبع.
11/9/2011
Almukhtar44@gmail.com
منتدى هديل صدام حسين
الاحد 13 شوال 1432 / 11 أيلول 2011
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
اوهام قبل الامس في عصر ما بعد الغد : نحن وامريكا وبيننا هولي وود (17)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملاك صدام حسين :: المنتدى الفكري والثقافي***(حزب البعث العربي الاشتراكي وجبهة التحرير العربية) :: مقالات ودراسات حزبية-
انتقل الى: