بطرس توما عضو جبهة التحرير العربية
عدد المساهمات : 166 تاريخ التسجيل : 05/11/2010
| موضوع: إيران لا تفهم لغة الاشارة الأربعاء أبريل 20, 2011 10:57 pm | |
| إيران لا تفهم لغة الاشارة منتدى"ملاك صدام حسين بعد أن استكمل الاحتلال الأمريكي للعراق هدفه الرئيس ونجح حتى وإن كان نجاحه مؤقتا، في إخراج العراق من معادلة التوازن الإقليمي القلقة حد الهلع لدى البعض، تفاقم إحساس القوة لدى إيران نتيجة غياب الهراوة العراقية التي ظلت تؤرق شعار تصدير الثورة وتلجم مبدأ الولي الفقيه وتمنعهما من مجرد التفكير بالانتشار خارج الحدود، ولكن منذ ثماني سنوات مرت فوق المنطقة رياح وغيوم كثيرة وتغيرت معادلات سياسية وعسكرية ونفسية كثيرة يمكن تأشير أهمها في نقطتين : الأولى أن إيران باتت لا تخفي شيئا من نواياها وأهدافها الاستراتيجية إقليميا مع تطلع لدور دولي يفوق حجمها وقدراتها مع توظيف سياسي وإعلامي صاخب لبرنامجها النووي لإحداث صدمة وترويع من نوع خاص وتركيع المنطقة قبل انتاج القنبلة النووية الإيرانية الموجهة أصلا ضد العرب، وأصبح الحديث الإيراني عن تدخلات علنية وبقوة الكتائب المجهزة لهذا الغرض، متعددة المحاور في الشأن العربي عاليا ومسموعا بوضوح، واستغلت إيران حالة ظلت تطبع سلوك النظام الرسمي العربي وخاصة في منطقة الخليج العربي، وهي حالة التردد والتأزم التي طبعت أكثر من نصف قرن سلوك ذلك النظام والتي استعصت على كل العلاجات وأشكال الدعم التي كان العرق ما قبل الاحتلال على استعداد لتقديمها، وظلت حالة التردد تلك صفة ملازمة لمعظم النظم العربية بسوابق مسجلة باسمها وخاصة فيما يتصل بالانقياد الذليل للمشروع الأمريكي للشرق الأوسط الجديد أو الكبير والذي كان حلما يراود مخيلة راسمي الاستراتيجية الأمريكية وكان الدافع الرئيس لغزو العراق وكذلك العلاقات المتعددة المحاور مع الكيان الصهيوني وبشكل خاص في التعاون الاقتصادي الذي لم يقدم خدمة للاقتصاد العربي بقدر ما مكن العدو من كسر جدار العزلة النفسية التي كانت تطبق عليه وإن بقيت هذه العلاقات تحت الطاولة لدفع الحرج، وهذا النمط من الارتباط هو الذي أضعف موقف من سار عليه حد الانكسار النفسي وأبقاه في حالة دفاع يائس عن النفس، وأضعف حجج المدافعين عن مواقفها في قضايا أخرى، خاصة وأن إيران ترفع شعارات عالية الوتيرة في تأييد القضية الفلسطينية دون أن يكلفها ذلك قطرة دم واحدة، وظل النظام الرسمي العربي يلهث وراء وهم وسراب الحلول الأمريكية الكاذبة، ومن يتقصى حجم ما تقدمه إيران للقضية الفلسطينية يصاب بصدمة كبرى، أن طهران توظف القيل من التأييد السياسي دون دعم مادي في استثمار سياسي يفتح لها أبوابا ظلت مغلقة بوجهها وتريد دخول مجتمعات كانت محرمة عليها سياسيا ومذهبيا وعرقيا، ولكن من أعطاها هذا الرصيد هم أعداؤها قبل مواقفها. الثانية أن عملاء إيران الذين كانوا يتخفون ويتطيرون من مجرد التلميح لهم بالتعاطف مع إيران وكانوا يواجهون تهم العمالة لإيران بالكثير من المزايدات الوطنية اللفظية والتطرف الكاذب في التفاني من أجل الوطن ويستميتون في دفع التهمة عن أنفسهم، هؤلاء صاروا لا يخجلون عن الارتباط بالمشروع الإيراني بل على العكس من ذلك تماما هم المبادرون بكشف هذا الارتباط والمفاخرون به وكأنه وسام شرف لمن يرهن نفسه له وتحت أية لافتة أو سقف، مع بلد له مشروعه المعادي للأمة العربية وتطلعها نحو بناء المستقبل والاستقلال والكرامة وأخذوا يروجون لفكرة أن إيران هي الحد الفاصل بين الليل والنهار وهي شاقول التمييز بين الحق والباطل، حتى أصبح سوق العمالة شرقا لإيران وغربا لأمريكا وغيرها سوقا رائجة ويعلقونه وساما على صدورهم في المناسبات الرسمية منذ الاحتلال الأمريكي حتى اليوم، وأخذ عملاء إيران يتسابقون بكشف أنفسهم تباعا في مهرجانات ماجنة ظنا منهم أن هذه الكرنفالات يمكن أن تغسل ما لحق بهم من أوزارها من أوصاف لا تغيب عن الذاكرة الجمعية العربية التي تأبى بيع النفس للأجنبي والمتاجرة بالقيم في سوق الرذيلة. لم يقف الأمر عند هذا الحد بل ارتفعت أصوات كانت خافتة على الدوام بوقاحة مستوردة من بلاد فارس للتطاول على كل من لم يستبدل جلده ولم يغير لسانه ولم يلوه بلحن القول وأبى أن يتناول خبزا ممزوجا بدماء وكرامة عربية في العراق والأحواز والبحرين وغيرها كثير، ومارس وكلاء إيران المقيمون المتجنسون والمستوطنون ارهابا وقمعا فكريا ودمويا على من لا يدين بالولاء لحلم الأكاسرة الجدد المتدثرين بعباءة الإسلام، واحتل هؤلاء مساحات واسعة من فضاء الإعلام العربي والناطق بالعربية والذي تنفق عليه إيران بأرصدة مفتوحة من النفط العربي في إقليم الأحواز المحتل ومن تجارتها وتجارها المنتشرين في دول الخليج العربي باسم شركات تجارية وسياحية ومراكز ثقافية تبث سموم الفرقة دون رقابة على تلك الأنشطة التي تستنزف اقتصادات الدول الخليجية التي ظلت غافلة أو مستغفلة عما يجري تحت مياهها وترابها الوطني وظنت أن التغاضي هو أقرب الطرق للتفاهم وأن إيران لا تريد أكثر من علاقات حسن جوار ومنافع متبادلة ومصالح مشتركة. حينما تحتل إيران كل هذه المساحة وتجند كل هذا الكم من المدافعين عنها دون حرج أو خجل، علينا أن نتساءل عن أسباب هذه الظاهرة الطارئة على الوجدان العربي. فهل كان من انساق وراء المشروع الإيراني فقيرا في الفطنة ومجردا الحصانة لحد الصفر أو قريبا منه؟ أم أن الأمر يرتبط بالاستعداد لبيع الخدمات لمن يدفع أكثر؟ غير أن الأمر لا يرتبط بمن لديه الاستعداد للتعامل مع المشاريع الخارجية حتى إذا كان التمويل مغريا، بل يرتبط بقضية مفصلية تتصل بمواقف الكثير من النظم العربية التي رهنت إرادتها للقوى الدولية الكبرى وخاصة الولايات المتحدة ورسمت حركتها وحددت سياساتها على أساس تطابقها مع المصالح الأمريكية المتداخلة مع المصالح الصهيونية العليا، مما أفقد تلك النظم الحد الأدنى من التأثير حتى داخل أراضيها وترك بصمات خجولة على مواقفها المعلنة من مجمل القضايا العربية، فدخلت إيران على الخط ليس إيمانا بما تطرحه من مواقف بقدر ما هو محاولة لسحب البساط من تحت أقدام العرب في قضاياهم الأساسية كالقضية الفلسطينية، وبدلا من أن تستدرك تلك النظم مواقفها الخاطئة وتعدلها لصالح العمل العربي المشترك، فإنها مضت بعيدا في خطط وخطوات للتطبيع مع الكيان الصهيوني لمجرد حلم أن يقبل العدو على إعادة أ جزء مما احتله من أرض عربية وكأنها تريد أن تعطيه شرعية احتلاله لما تبقى من فلسطين، حتى بدا الأمر وكأنه مناكفة ساذجة مع إيران التي كانت تقضم من الجرف العربي وتعزز من مواضعها داخل الموقف العربي نفسه الداعم لأي موقف مناهض للعدو الاستراتيجي للأمة العربية. مواجهة إيران لا تتم في تقديم التنازلات للولايات المتحدة والمشروع الصهيوني التوسعي في فلسطين المحتلة، مواجهة إيران حصرا تتم في سحب الملفات العربية التي لا مساومة فيها من يد الإيرانيين وعملائهم ووكلائهم وإعادتها للعرب أنفسهم ومن لا يتمكن من هذا الخيار عليه أن يكتفي بالصمت وإعطاء من له القدرة على المواجهة والتحرك الجاد للمواجهة، والكف عن ملاحقة القادرين ذلك والتوقف عن ملاحقة الجمعيات الخيرية التي تدعم الجهاد ضد المحتلين مهما تعددت لغاتهم، أما أن يكون النظام الرسمي العربي سيفا مسلطا على رقاب الأخيار تحت لافتة محاربة الإرهاب، فذلك لا يخدم إلا المشروع الأمريكي الصهيوني الإيراني، وليس من مصلحة أي بلد عربي فتح جبهات نائمة واستعدائها تحت لافتة الحرب على الإرهاب كما حصل في الكثير من الأقطار العربية، فأمريكا لا تتحرك إلا بما يؤمن مصلحتها بالدرجة الأساسية، ولعل بعض التجارب الأخيرة في الوطن العربي ما يؤكد ذلك، ولكن القلة هي التي تستطيع استخلاص الدروس والعبر من تجارب الغير بل وحتى من تجاربها الخاصة. الثلاثاء 15 جماد الاول 1432 / 19 نيسان 2011 | |
|