ابو عصام العراقي عضو جبهة التحرير العربية
عدد المساهمات : 237 تاريخ التسجيل : 05/11/2010
| موضوع: عيون وآذان (لا أخبار، أخبار طيبة) الأربعاء مايو 18, 2011 3:19 pm | |
| عيون وآذان (لا أخبار، أخبار طيبة) جهاد الخازن 2011-05-17 أحتفظ في مكتبي بملفات لأهم الأخبار، وكانت قبل ثورات الغضب الأخيرة تضم ملفاً عن مصر، أم الدنيا، وعن المملكة العربية السعودية لاهتمام العالم بالنفط، وعن القضية الفلسطينية ومعها أخبار إسرائيل لأنها «القضية». وأصبحتُ بعد غزو التكنولوجيا عالم الصحافة أفتح صفحات ضمن بريدي الإلكتروني لأخبار محدودة من دول أخرى. قبل انفجار ثورات الغضب العربية زدت ملفاً إلكترونياً عن إيران لكثرة مشاكلها، وعن تركيا بعد أن أصبحت في ظل حزب العدالة والتنمية قوة إقليمية كبرى. وأضفت ملفاً عن سورية ولبنان بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، لأن الأخبار عنهما متداخلة. مع هذا كله كان عندي دائماً ملف عن ليبيا، إلا أنه لم يكن لأهميتها السياسية أو دورها العربي أو الأفريقي، وإنما لغرابة أطوار الأخ العقيد وأسرته، فكان الملف جمعاً لغرائب وعجائب ملك ملوك أفريقيا أكثر منه أخباراً سياسية. ثم أحرق محمد البوعزيزي نفسه، وكان ما كان، وما سيكون في هذا البلد أو ذاك، وأصبح عندي ملف لتونس وآخر للمغرب وأيضاً اليمن والبحرين والأردن وسورية، وحتى أميركا، وكل ملف من هذه زاد في الحجم أضعافاً، خلال شهرين، على ما كان يتجمع لي عن أي ملف سابق خلال سنة أو سنتين. منذ دخلت عالم الصحافة، بالإنكليزية أولاً، وأنا أسمع العبارة: لا أخبار، أخبار طيبة، والمقصود أن الأخبار يجب أن تكون سيئة لتستحق النشر، فلو كانت بلادنا ديموقراطية وأهلها سعداء بها لما تظاهروا، ولما أطلقت السلطة عليهم النار لقلة وفائهم، ولما سقط رؤساء واهتزت كراسي الحكم بآخرين، ولما نشرت صحف العالم أخبارنا، ومعها «الجزيرة» و «العربية». الأخبار السيئة تبيع أعداد الصحف، لذلك تمتلئ هذه بها، وعندنا مثل من مصر: فثريٌّ من الحزب الحاكم قتل ممثلة، أو كان وراء قتلها، وامتلأت الصحف بأخبار القضية والمحاكمة التالية أياماً وأسابيع. بل إن القضية عادت خبراً ينشر بعد سقوط نظام حسني مبارك. وهذا مع العلم انه عندما كانت العلاقة بين الثري والممثلة طيبة لم نسمع عنه أو عنها. وهو لو أهداها في حينه خاتماً ثميناً لما اهتم أحد بالأمر... سوى زوجته. وثمة نقطة عن الخبر يجب أن يفهمها القارئ، سواء كان الخبر سيئاً أو طيباً، هي ان الخبر قد يكون صحيحاً إلا أنه لا يمثل بالضرورة الحقيقة. وأشرح فأقول انني أنقل باستمرار ما أسمع من مسؤولين، وأنقل كلامهم كما سمعته وسجلته، والى درجة انني لم أسحب خبراً أو أعتذر عن خبر في 40 سنة من العمل الصحافي المتواصل. ومع ذلك فالمتحدث قد يقول لي ان اقتصاد البلد مزدهر، وأن دخل المواطن أعلى منه في سويسرا، وأن الرشوة قضي عليها نهائياً (ربما لأنه لم يبق في البلد شيء يسرق) وأن الدنيا ربيع و «الإشيا معدن». هذا كله غير الحقيقة، بل نقيضها، والصحيح الوحيد فيه انه منقول بدقة عن صاحبه. وأنظر الى ملف أخبار مصر الذي يناطح سقف الغرفة وأستعيد أياماً كان أكثر الأخبار عن مصر له علاقة بالسياحة أو اكتشافات أثرية في بلد يضم وحده حوالى ثلث آثار العالم القديم، أما الأخبار الأخرى فجمعتها لعلاقتها بالقضية الفلسطينية وقطاع غزة تحديداً. اليوم هناك حرية صحافية حقيقية في مصر، ومن دون الحرية لا توجد صحافة جيدة، إلا أن هذا لا يعني ان الحرية تجعل كل الصحف جيدة، وإنما توفر إمكان وجود صحافة جيدة وأخرى سيئة. وهذا من دون أن ننسى أن الصحافة الجيدة ستظل تنشر أخباراً سيئة، لأن الخبر الطيب لا يبيع أعداد الصحيفة. وأقارن بين أخبار هذا البلد وذاك، وأجد أنه حتى مع قمع التظاهرات وسقوط قتلى، يبقى الأمل في مستقبل أفضل، فلا تروح دماء الشهداء هدراً. ولعل الاستثناء الوحيد هو أخبار «القضية»، فهناك إسرائيل وأنصارها في الكونغرس، والليكوديون المتطرفون في كل مكان، وحكومة الفاشيست العنصريين في إسرائيل، وإذا كان هذا لا يكفي، فهناك الخلافات بين الفلسطينيين أنفسهم، وهي انتهت بمصالحة نرجو أن تستمر، فلا تلقى مصير مصالحات سابقة. وكنت أبحث عن أصل العبارة: لا أخبار، أخبار طيبة، عندما وقعت على تقرير صدر هذا الشهر لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان، عنوانه الكامل: «لا أخبار، أخبار طيبة: إساءة قوات الأمن الفلسطينية معاملة الصحافيين». التقرير في 35 صفحة ويورد تفاصيل اعتداءات السلطة الوطنية وحماس على الصحافيين وتخويفهم وتهديدهم واعتقالهم أحياناً. وأكمل غداً بأخبار الأخ معمر، وهي كمن عمّر الشيشة بتحشيشة، وربنا يكون في عون شعب ليبيا | |
|