ملاك صدام حسين
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى
ملاك صدام حسين
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم, أنت لم تقم بتسجيل الدخول بعد! يشرفنا أن تقوم بالدخول أو التسجيل إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى
ملاك صدام حسين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملاك صدام حسين

منتدى فكري - ثقافي - سياسي
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 لماذا حزب البعث؟ حزب البعث ضرورة فكرية ونضالية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
جهينه الزبيدي
عضو جبهة التحرير العربية



عدد المساهمات : 347
تاريخ التسجيل : 05/11/2010

لماذا حزب البعث؟ حزب البعث ضرورة فكرية ونضالية  Empty
مُساهمةموضوع: لماذا حزب البعث؟ حزب البعث ضرورة فكرية ونضالية    لماذا حزب البعث؟ حزب البعث ضرورة فكرية ونضالية  Emptyالجمعة نوفمبر 05, 2010 2:24 pm

لماذا حزب البعث؟
حزب البعث ضرورة فكرية ونضالية
وحاجة وطنية وقومية وحدوية
(وجهة نظر في تحليل الأسباب والمراحل)
حسن خليل غريب
يتساءل البعض، وكثيراً ما طُرح هذا السؤال: لماذا حزب البعث؟
هذا الأمر استوقفني، وألحَّ عليَّ إلحاحاً شديداً، فوقفت أمامه كثيراً، متأملاً بسهولة الجواب وصعوبته في آن، مستذكراً مرارة الإجابة عنه وحلاوتها.
سهولته من حيث إنني قضيت من عمري نصف قرن في صفوفه، قارئاً فكره، مبشراً بثقافته.
وصعوبته من إنني كنت مناضلاً في صفوفه على شتى المستويات المطلبية والتحررية، في البيت والشارع السياسي والخندق العسكري.
ومرارته من حيث إنني نعمت بحلاوة التعب في سبيل رفع صوت الطبقة الكادحة التي أنتمي إليها. ومرارة القتال من أجل تحرير الأرض، منتظراً أن أتذوق حلاوة العودة إليها.
وفي كل هذا أو ذاك، كنت أقف رافضاً كل الدعوات التي كانت تلح عليَّ بـ«طلاق» العمل السياسي الذي لا يحصد منه الإنسان إلاَّ مرارة الملاحقة والاعتقال، ناهيك عن مواجهة الموت في أي لحظة، وليس أقلها وأسهلها «وجع الرأس»، وعداوة الآخرين ممن يضيق صدرهم بأن تنتمي إلى ما يرفضون أن ينتموا إليه.
وأخيراً، ولأن الانتماء إلى حركة فكرية وسياسية يعبِّر عن علاقة جدلية بين حرية الفكر وحركة الإنسان النضالية، لأنه لا يمكن لفكر يتجه نحو التغيير أن ينجح من دون حركية عملية، فوضعت كل تاريخية انتمائي للبعث، للاستفادة منها في الإجابة عن هذا السؤال، فوجدت، من وجهة نظري، أنه لا بد من معرفة عدد من المهام النظرية، المطلوبة للتغيير، فحصرتها بعدد من الأسئلة، ورحت أضع أجوبتي عنها، وهي:
1-لماذا العمل السياسي؟
2-لماذا العمل الحزبي؟
3-لماذا الحزب القطري؟
4-لماذا الحزب القومي؟
5-لماذا حزب البعث؟

في سبيل ذلك ستنقسم دراستي لخمس مراحل تتناول كل مرحلة إجابة عن رؤيتي لها.
المرحلة الأولى
الوعي السياسي ضرورة وحاجة للتغيير
بانتقال المحكوم من دور الولاء للحاكم
إلى دور مراقبته ومحاسبته
تمهيد
الوعي السياسي حاجة أساسية في عملية تغيير ما أصبح فاسداً، أو ما لايتناسب مع مصلحة الأفراد أو المجتمع، أو ما أصبح يشكل عائقاً دون تطوير الحياة الاجتماعية. ولأن الإنسان الذي يريد أن يغِّيِّر عليه أن يعرف ما يريد تغييره، وكيف يمكنه تغييره، ومعرفة الوسيلة الأفضل للتغيير؛ فعملية التغيير إذن هي عملية معرفية، تتضافر فيها ثنائية، التشخيص والعلاج، أي هناك حاجة لتعريف حديها:
-تشخيص الموضوع الذي ستطوله عمليةالتغيير.
-ومعرفة الوسائل والمقاييس التي ستُعتمد بعملية التغيير.
قد يشعر الإنسان بوطأة المشكلة، ولكنه غالباً ما يكون عاجزاً عن تشخيص أسبابها، وبالتالي سيكون عاجزاً عن وضع الحلول لها وتحديد وسائل تغييرها. فوعي أسباب المشكلة ووسائل علاجها شرط أساسي في عملية البدء بحلها. وهذا ما نسميه بالوعي السياسي. فالفقير، مثلاً، يشعر بوطأة الحاجة. وإذا كان لا يستطيع معرفة سبب فقره، فيستسلم إلى مقولة غيبية تدعو الفقير للصبر على فقره، لأن الغنى والفقر، كما يعتقد، هما عطيتان من الله. أما إذا كان يمتلك وعياً سياسياً لواجباته وحقوقه كفرد في جماعة، أو كمواطن في دولة، فسيعرف أن سبب فقره هو أنه لا يجد عملاً يحصل منه رزقه. وإن فقدان فرصة العمل يعتبر إهمال من الحاكم، ولأنه شارك في اختيار الحاكم، فإنما على شرط أن يسوس شؤون المواطنين، ومنها توفير فرص العمل لهم. وعليه أن يعي أيضاً أنه إذا كان من واجباته أن يخضع لقوانين الدولة وتشريعاتها، فإنما له حقوق على الدولة ومن أهمها أن تضمن له حياة كريمة، ومنها توفير فرصة عمل له. كما أن من حقوقه أيضاً أن يراقب الحاكم ويضعه تحت سقف المساءلة، وهذا الحق يضمن له حرية الاحتجاج ورفع الصوت. وهكذا دواليك.
ولأن مجتمعنا مليء بالمشاكل، وهناك حاجة لوضع الحلول لها. ولن يتصدى لتغيير الواقع الفاسدإلاَّ المتضررون منه، جاءت الحاجة إلى وجود الأفراد، وبالتالي الجماعات، الواعين لهذا الواقع.
ولأن الأمية والجهل هما من المشاكل المتفشية والمزمنة في مجتمعنا العربي، كان لا بد من تعميم الثقافة والوعي، على الأقل بين النخبة من الأفراد والجماعات، لتقوم بمهمة تغيير الواقع الفاسد. وبناء عليه، تبتدئ تلك العملية من كون الإنسان عضواً في أصغر خلية اجتماعية، وتنتهي بدوره كعضو في دولة.

مفاهيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم في تطور متصاعد
ابتدأت بعلاقة الولاء والخضوع وانتهت بعلاقة الرقابة والمساءلة
1-مفهوم السياسةالتقليدية:
قبل نشأة الدولة الحديثة، كان الفرد في الماضي رقماً ملحقاً بشيخ العشيرة أو القبيلة، وانتقلا معاً إلى دور الملحق بالأمير أو الملك أو الإمبراطور... وفي عصر الإقطاع أصبح مالك الأرض واسطة العقد بين رأس الدولة ورعاياه، يحكم باسمه ويستمد سلطته من رضاه، لقاء تأدية عائدات منتجات الأرض، وتوفير العدد الكافي من العسكر والجنود لحماية الإمارة أو المملكة أو الإمبراطورية.
ذلك الواقع أنتج ثنائية العلاقة بين الحاكم والمحكوم بما يُعرَف بعلاقة (العبد بالسيد)، السيد الذي يأمر والعبد الذي يطيع، بما فيها سلطة السيد الذي يمتلك حق التصرف ليس بجهد العبد فحسب، وإنما التصرف بحياته أيضاً.
وإذا كانت الأديان السماوية قد تقدمت خطوة على طريق تحرير الإنسان من عبودية الإنسان، فإنما جاءت لتكبله بقيود الطاعة والإذعان لأولي الأمر، وذلك بأنها أضفت صفات القداسة على موقعهم وبالتالي على أوامرهم وإرشادهم. ومن أهم الأقوال التي تدل على ذلك: (طاعة المرشد أو أمير الجماعة هي طاعة الله)، و(رأس الكنيسة هو ممثل الله على الأرض)، و(الراد على الإمام كالراد على الرسول والراد على الرسول كالراد على الله).
إن هذه النماذج، تؤكد على إنتاج أسس للمعرفة (التواكلية) التي سادت، ولا تزال تسود بين أوسع الشرائح الشعبية في مجتمعنا العربي. كما هي تمثل معرفة الاستسلام لأوامر الحاكم.
وبتأثير من معرفة التواكل والاستسلام، ورثنا تقليداً من أجدادنا وآبائنا يتضمن النصح بالابتعاد عن التدخل بالسياسة تحت ذريعة أنها تشكل (وجعاً للرأس)، والدعوة للابتعاد عن التصادم مع الحاكم على طريقة (اليد التي لا تستطيع أن تعضها، فقبلها).
وبتطور المعارف الفلسفية التي تدعو لحرية الفرد، ارتقت معها القوانين والتشريعات السياسية التي تضمن هذا الحق. وبمثل هذا التطور ابتدأ العصر الحديث منذ ما يقارب القرنين من الزمن. وتعود بداياته إلى ما عُرف بـ«الثورة الفرنسية» التي حققت نصرها على الملكية في العام 1799. وتُعتبر تلك الثورة فترة التحولات الكبرى في التاريخ السياسي والثقافي التي بدأت في فرنسا وعمَّت أوروبا وانتشرت في العالم. وكان من أهم مبادئها انطلاق صيحة الحرية والمساواة.
أما على مستوى الواقع العربي، بشكل عام، فإننا وإن كنا نعيش في عصر الحداثة وحقوق الإنسان ومن أهمها احترام حقه بالتفكير والقول ومساءلة الحاكم ومحاسبته ونقده، إلاَّ أننا ننتمي معرفياً إلى عصر يعود إلى أكثر من قرن من الزمن. وهذا ما يؤكد أننا ننتمي إلى الحداثة والمعاصرة بالشكل الحضاري المادي، وليس بالعصر الثقافي المعرفي. والدليل على ذلك أن عصر التواكلية المعرفية والاستسلام المعرفي لا يزالان منتشرين على الأنموذج ذاته التي عاش فيها أجداد آبائنا.
وإنا إن كنا نختار التغيير، على ضوء متغيرات عصرنا المعرفي والحقوقي، سنقوم بإطلالة سريعة على مفهوم علاقة الدولة الحديثة بالمواطن، أي على علاقة الحاكم بالمحكوم.

2-المفهوم الحديث للسياسة:
يقوم مفهوم الدولة على عقد اجتماعي بين حاكم ومحكوم، يكلف فيه المحكوم الحاكم بسياسة شؤونه، ولأن مفهوم الدولة هو مفهوم حديث، فقد انتقلت العلاقة بين الحاكم والمحكوم من ولاية الأمر بالمفهوم التقليدي، أي التواكلية والاستسلام، إلى علاقة الحرية بالاختيار والحق بالمراقبة والمحاسبة.
إن مصطلح السياسة مشتق من فعل «ساس»، وهي لغوياً تعني «عالج الأمر ودبَّره، وساس أمور الناس تولى رياستهم وقيادتهم»، و«ساس الأمور، أي دبَّرها وقام بإصلاحها». وفي الشأن العام للبشر، يُطلب من الحاكم إدارة شؤون الدولة، أي الشؤون ذات العلاقة بمصالح المواطنين بما يعود بالخير عليهم. ومن أهم أهداف هذه السياسة توفير أسس العدالة والمساواة بين المواطنين. فوظيفة الحاكم/ السائس إذن أن يكون في خدمة المواطنين.
لكن إذا أخفق الحاكم في وظيفته، ولم يستطع أن ينجح فيما أوكل إليه، ضمنت سلة الحقوق للمواطن حقه في محاسبة الحاكم. وإذا سكت عن تقصير الحاكم في أداء واجباته، يصبح كمن يتحمل مسؤولية التقصير تجاه حقوقه وحقوق غيره من المواطنين. وتزداد مسؤولية المواطن في التقصير كلما ازداد وعيه السياسي.
ومن ذلك نستنتج أنه لا طاعة لحاكم لا يسوس شؤون الناس بالعدل والمساواة، وعليه أن يتنحى عما انتدب نفسه لأجله، أو أن تتم إقالته وعزله بفعل الحق الذي اكتسبه المواطن عبر قرون من النضال التي قامت بها النخب المفكرة، من فلاسفة ومفكرين وأدباء وسياسيين...
وعلى الرغم مما عرفته مسيرة المعرفة البشرية من تقدم ومتغيرات في تعميق حقوق الإنسان، إلاَّ أن الطبقة الحاكمة لا تزال تعمل على إنتاج مفاهيم سياسية، تليها تشريعات وقوانين، تلائم مصالحها الطبقية. كما تعمل من أجل إنتاج معرفي تقوم بتعميمه ونشره شعبياً لتضمن استمرار خدمة مصالحها بأثواب الشرعية والقانون. وهذا الأنموذج نجده السائد الأكبر في معظم دول العالم إن لم يكن فيها كلها.
إن الإشارة إلى هذا الواقع، يدعونا ليس إلى المطالبة بتحديث أسس سياسة الدولة وإصلاحها فحسب، وإنما إلى مفهوم الثورة في السياسة أيضاً.

3-المفهوم الثوري للسياسة:
ليس النشاط السياسي حقاً للمواطن فحسب، وإنما هو واجب أيضاً. كما أن العمل السياسي لا يجوز أن يبقى حكراً على الطبقة الحاكمة بحيث ينتقل الحكم بالوراثة داخل الطبقة الواحدة.خاصة أن طبقة الأغنياء والموسرين وكبار التجار والاقتصاديين بمواقعهم الطبقية، مباشرة أم بالواسطة، تنتج باستمرار، المفاهيم السياسية والاقتصادية وتشريعاتها وقوانينها لتضمن مصالحهم وتؤمن عليها.
صحيح أن مفهوم الدولة في الأنظمة الحاكمة في معظم دول العالم بشكل عام، وفي الأنظمة الرسمية العربية بشكل أخص، يقوم على العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وتلك العلاقة تتأسس على قاعدة أن يقوم الحاكم بالسهر على خدمة المحكوم، لكن الهوية الطبقية للحاكم لا تسمح بتطبيق تلك المعادلة على وجهها السليم. فهناك اختلال بالعلاقة استناداً للخلل في الهوية الطبقية. كما انقسام المجتمع إلى طبقة من الأغنياء ومن الفقراء، يقوم الغني بالهيمنة على حقوق الفقراء، كذلك هناك هوة سحيقة بين الحاكم والمحكوم، كما هو الواقع، فالحاكم لا يمثل الطبقة الفقيرة بل يصل إلى الحكم من ينتمي إلى طبقة الأغنياء أو من يمثل مصالحهم. وهذا الواقع يدفعنا أحياناً إلى الاستنتاج بأن الحركة الإصلاحية في التغيير لن تأتي بنتائج، بل لا بد من وسائل ثورية على صعوبة توفير ظروفها ومستلزماتها.
أما الحركة الإصلاحية، وهي الأسلوب الأكثر واقعية، فستكون نتائجها محدودة جداً، لأن أي إصلاح ستقوم به الطبقة الحاكمة تحت ضغط شعبي مطلبي، سيبقى يصب في طاحونة الطبقة الاجتماعية التي تمثلها. ولن تؤدي إلاَّ إلى إصلاحات جزئية لمصلحة الطبقات الفقيرة.
ولهذا وإن كان السقف الأعلى من حركة التغيير هي المطلوبة إلاَّ أن العمل بما هو ميسور يبقى الأكثر واقعية، لكن على أن لا ينسى المنخرطون في عملية التغيير السقف الأعلى.

4-العمل السياسي الثوري حاجة وضرورة للطبقات التي يقع عليها الاستغلال.
من مصلحة الطبقة الحاكمة، بانتمائها الطبقي المنحاز للأغنياء والموسرين، أن تبقى الطبقات الشعبية بعيدة عن ممارسة العمل السياسي، وإذا سمحت لها بذلك فعلى أن لا يتعارض عملها مع الإيديولوجيا التي توجِّه مسار الحكم أو من تنوب عنه.
لكن على الطبقات المتضررة، خاصة النخب الأكثر وعياً في داخلها، أن تعمل على نشر الوعي السياسي لحقوق المواطنين. أما الطبقات المتضررة فيمكن تصنيفها إلى عدد من الشرائح حسب طبيعة موقعها في عملية البناء الاجتماعي الوطني، على الشكل التالي:
-طبقة العمال والفلاحين.
-صغار الكسبة والمهن الحرة.
-صغار الموظفين وذوي الدخل المحدود.
-الطلبة والشباب.
-المثقفون الثوريون.

أما وسائل النضال المتاحة لهذه الطبقات، فهي تقوم على قاعدة التجمعات المهنية، وخاصة منها النقابات المهنية للعمال والفلاحين كل منها حسب تجانس اختصاصها. ونقابات الموظفين كالأساتذة الجامعيين والثانويين والمعلمين الابتدائيين في القطاع الرسمي العام. ويليها نقابات المعلمين في الجامعات والمدارس الخاصة.
ويأتي في السياق عينه نقابات أصحاب المهن الحرة، كالمحامين والمهندسين والأطباء...
وتلعب الأندية، والتجمعات النسائية والشبابية والطلابية والجمعيات الثقافية والرياضية والاجتماعية دوراً مهماً في التوعية والإرشاد.
أما عن وسائل النضال فهي عديدة ومتنوعة، ومن أهمها اللجوء إلى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة. كما تعتبر التظاهرات والندوات والبيانات من تلك الوسائل.
وقد يكون الأكثر تأثيراً على النخب الحاكمة هو موسم الانتخابات النيابية، التي بدلاً من أن تكون سوقاً لشراء الأصوات وبيعها، يجب الاستفادة منها في ضغط حقيقي على المقصرين والمتلاعبين بإرادة الشعب ومصالحه الحقيقية.
وقبل هذا كله على كل المنخرطين في تلك النقابات والتجمعات أن يحافظوا على مهنية أهدافها والابتعاد بها عن محاولات احتوائها من قبل أحزاب الطبقات الحاكمة، أو الداعمة لها، منعاً لاستخدامها في تقوية نفوذ تلك الأحزاب التي صُمِّمت على مقاييس مصالح طبقة الحكام أو من يمثلونهم.
وإذا كان الوعي السياسي للفرد مطلوباً كمدخل لا بدَّ منه إلى عملية التغيير، فإن الجهد الفردي يبقى ضعيفاً، إذا لم يكن عاجزاً، في القيام بعبء مهمة متعددة الزوايا والأشكال، وعلى غاية من التعقيد والصعوبة، فإن تضافر جهود الجماعية تبقى الحلَّ المطلوب.

المرحلة الثانية
الانتقال بالعمل السياسي
من دور الفرد إلى دور الجماعة
ولأنه من أهم أهداف العمل السياسي تغيير الواقع الفاسد الذي يتناقض مع مصلحة الطبقات المستغلَّة، كان لا بد من تضافر جهود تلك الطبقات في عمل جماعي، والعمل الجماعي يكون أشد تأثيراً وأسرع فعالية من الجهود الفردية.
ويتدرج العمل الجماعي من العمل داخل الأندية في المدينة أو القرية، ويمر بتشكيل تجمعات على أساس المهنة الواحدة تدريجياً من منطقة إدارية واحدة وصولاً إلى السقف الوطني وهو ما تُعرَف بالنقابات على مستوى العمال والفلاحين وأصحاب المهن الحرة، وينتهي بالعمل الحزبي المنظم وهو الإطار الذي يجمع كل تلك التجمعات وينسق جهودها.

أولاً: العمل النادوي
النادي هو جماعة منتظمة يقوم أعضاؤها بنشاط حر، وفي إطار هذه الجماعة يتعرف الأعضاء على تجربة ديمقراطية مصغرة، وعلى تجربة مصغَّرة من العمل الجماعي، ويكتسبون فيها روح المبادرة وحس المسؤولية، ويتدربون على مغالبة ميولهم الأنانية، وعلى العمل مع الآخرين، وتدبير الصالح العام، وعلى التسامح، ونبذ كل تفرقة أساسها الجنس أو العمر أو العرق أو الديانة أو الآراء السياسية أو البيئية الاجتماعية.
وقد يتخذ النادي تسميات أخرى، مثل: ندوة أو رابطة أو جمعية. وقد يجمع النادي نشاطات عديدة، رياضية أو اجتماعية أو ثقافية. أو أن يكون متخصصاً بنشاط واحد. وأياً تكن أشكاله وأحجامه وتسمياته، فالنادي، أولاً وأخيراً، يشكل حالة تواصل مهمة بين أبناء القرية الواحدة، أو الحي الواحد. وهو أحد الوسائل الجماعية التي يمكن الاستفادة منها في التغيير على مستوى ضيق، سواءٌ أكان تغييراً مطلبياً تدفع بالجماعة الصغيرة إلى مراقبة أداء أولي الأمر ومساءلتهم. أم على صعيد التغيير في ثقافة التخلف والأمية ورفع مستوى الوعي السياسي والاجتماعي والاقتصادي. ويمكن الاستفادة منه على صعيد النضال المطلبي المحلي الخاص، وعلى الصعيد المطلبي الوطني.
عادة تنحصر نشاطات الأندية على مستوى قرية صغيرة، أو على حي من أحياء المدينة. وعلى الرغم من ذلك، فإنه يشكل تجربة مهمة للتدريب على الانخراط في الشأن العام، وهو خطوة أولى على طريق ممارسة العمل الحزبي الشامل. ويُعتبر تجربة مصغَّرة لعمل سياسي منظَّم. والنجاح فيه يعطي مؤشراً للنجاح في أعمال أكثر تعقيداً وأكثر حركة، فمن هو عاجز عن ممارسة عملية التغيير في وسط ضيق سيكون أكثر عجزاً من ممارسة عملية التغيير على المستوى الأشمل. ولهذا يمكن القول: إذا كان يجب عليك أن تكون وطنياً ناجحاً فعليك أن تكون عضواً ناجحاً في وسط بيئتك الاجتماعية التي فيها نشأت، أو التي فيها تعيش.
وهنا، لا بدَّ من الإشارة إلى أن على الحزب السياسي أن يؤهل أعضاءه المنتسبين إليه لتمكينهم ليس من اكتساب ثقافة العمل النادوي وخبرة العمل فيه فحسب، بل أن يدفعهم للانخراط في العمل النادوي أيضاً، وتأسيس الأندية والجمعيات الأهلية في قراهم وأحيائهم. وإعطاء الأولوية لهذا الهدف. فهو يشكل حلقة وسيطة بين واقع الناس وهمومهم واهتمامات الأحزاب السياسية وحركات التغيير الاجتماعي والاقتصادي.

ثانياً: العمل النقابي:
يُعتبر العمل النقابي مرحلة أكبر من عمل النادي أو الجمعية المحدودة جغرافياً ووسطاً اجتماعياً، وأقل من العمل الحزبي الذي ينتشر على المستوى الوطني وتشمل نشاطاته كل أوجه التغيير.
فالنقابة هي تنظيم قانوني، يتكون من أشخاص يتعاطون مهنة واحدة أو مهن متقاربة أو صناعة أو حرفة مرتبطة بعضها ببعض، وهي تستهدف تحسين ظروف عملهم قانونياً ومادياً. وتعمل النقابات المهنية على تحقيق أهداف متعددة منها:
-تنظيم العمال والموظفين والحرفيين والمهنيين وتمثيلهم.
-الاطلاع على صعوبات ومشاكل المنخرطين المادية والاجتماعية ودراستها ثم تحويلها إلى مطالب.
-حث أرباب العمل والمسؤولين على تلبية مطالب المنخرطين.
-القيام بأنشطة اجتماعية يستفيد منها المنخرطون كصناديق التعاضد والتقاعد.
تشكلت أول نقابة في بريطانيا، في العام 1747، وذلك كردة فعل من عمال الخياطة الذين سُحقت حقوقهم. وكانت فكرة التنظيم النقابي، منذ ظهور أول نقابة في التاريخ في القرن 18 لم تأخذ بحسبانها التقاطعات السياسية لأفرادها، بل المصالح المهنية او العمالية. فتشكيل النقابة أمر تفرضه بيئة العمل الخاصة بمجموعة من المهنيين أو العمال الذين يتشاركون في عمل محدد، و هدفها الأساسي إيجاد مرجعية تدافع عن الحقوق (العمالية أو المهنية) لهؤلاء، انطلاقاً من التغييرات التي يعيشها مجتمعهم مادياً و ثقافياً، أو تلك التغييرات التي لحقت بمهنتهم نفسها و عكست نفسها على أدائهم و إنتاجيتهم .
إن العمل النقابي هو من أرقى الوسائل التي تستخدمها الطبقات المتضررة من هيمنة النخب من كبار الاقتصاديين والصناعيين والملاَّك الكبار، وهنا نعني بذلك أن طبيعة المنهج الذي يستخدمه النظام الرأسمالي في العملية الاقتصادية قائم على استغلال جهد العمال والفلاحين. وتأتي أهمية العمل النقابي من أنه يتميز بأكثر من عامل من عوامل التغيير:
-على أساس ثنائيتها، (رب العمل – العامل)، تقوم العملية الاقتصادية التي بدلاً من تعزيز وضع العامل، الطرف المنتج بعرقه، وتحسين معيشته، يقوم رب العمل باستغلال جهده. أما عن رب العمل ففي النظام الاشتراكي تُعتبر الدولة رباً للعمل. وفي النظام الرأسمالي يكون الصناعيون والتجار ومالكو الأرض رباً للعمل.
-في النظام الرأسمالي والإقطاعي يمارس رب العمل كل أنواع التسلط لتجميع الأرباح التي تنتج عن العملية الاقتصادية، ويقع عبء الاستغلال على عاتق العامل.
-ينشأ الصراع الطبقي استناداً للعملية الاقتصادية بين الطبقات الغنية والطبقات الفقيرة، وفي حسم هذا الصراع لمصلحة العمال والفلاحين، تعطي عملية التغيير فوائدها في توفير العدالة والمساواة بين الطبقات الاجتماعية.
-إن الصراع بين العمال وأرباب العمل، عمال صناعيون أم مهنيون أم عمال زراعيون، هو الأساس الثابت في عملية التغيير الاجتماعي.
فتقسيم المجتمع إلى طبقتين: طبقة تستغل جهد الآخرين وتثرى على حسابهم، وطبقة يقع على عاتقها فعل الاستغلال، يقود إلى صراع تناضل فيه الطبقة المنتجة من أجل الحصول على حقوقها. ولكي تصب نتائج عملية الصراع في مصلحة الطبقات المُستَغلَّة لا بدَّ من تعميق وعي هذه الطبقات لحقوقها أولاً، وإلى ابتكار وسائل في النضال تكون أكثر تأثيراً وسرعة ثانياً. وعن ذلك يأتي تأطير العمال في نقابات تعطي أولوية للنضال في سبيل حقوق أعضائها من أهم تلك الوسائل.
ولأن تقسيم العمل في عصرنا الراهن أصبح واسعاً ومتشابكاً، فقد أصبح من الضروري أن يواكب النضال النقابي، تقسيماً مهنياً للعاملين في مهنة واحدة، ويقتضي هذا التقسيم بانتساب كل فئة مهنية إلى نقابة تُسمى باسمها، كمثل (نقابة عمال النسيج، وعمال الأحذية، والعمال الزراعيين، ونقابة المحامين، والمهندسين والأطباء....). على أن يتم تتويج تلك النقابات باتحاد عام ينسق بينها، ويوحد جهودها.
وينقسم العمل النقابي إلى قسمين:
-القطاع الخاص: وهو يشمل كل المؤسسات التي يملكها أفراد أو شركات، صناعية أو زراعية. وهي تمثل الجانب الأساسي في عملية الاقتصاد الإنتاجية، وعلى أكتافها يقوم عبء تحسين الدخل الوطني. وهذا بدوره يجب أن يُستفاد منه في تحسين دخل الطبقة المنتجة من عمال وفلاحين. ومن أجل هذا الغرض يتعين أن يكون لكل مؤسسة من المؤسسات الإنتاجية نقابة تدافع عن حقوق المنتسبين إليها.
-والقطاع العام: وهو يشمل وظائف الدولة على شتى أشكالها وأنواعها. وهي على العموم تمثل القطاع الذي يقوم بأود الخدمات على شتى فروعها واختصاصاتها. ولكل وظيفة لها نقابتها تدافع عن حقوق المنتسبين إليها.
-ويبقى القطاع الطلابي، وهو قطاع له خصوصياته ومميزاته، فهو يمثل الشريحة الأوسع من صُنَّاع المستقبل. ولأن منهم سيتخرج كل من سيشغل دوره في عملية الإنتاج أو الخدمات في القطاعين العام والخاص، فحري بهم أن يستفيدوا من مراحل الدراسة لأجل تكوين وعي سياسي سيقومون بتوظيفه في النضال النقابي بعد التحاقهم بوظائفهم مستقبلاً. ولأجل الهدف المستقبلي، إضافة إلى مواكبة هموم الطلبة بشكل خاص وتحسين أداء العملية التربوية بشكل عام، لا بدَّ من تأسيس الروابط والاتحادات الطلابية.
بعد استعراض موجز ومكثّف لدور النادي والنقابة، يتأكد لدينا كم هو مهم توظيف البنى الجماعية في النضال من أجل المطالبة بحقوق الشريحة الأوسع في المجتمع. وهذا سيصبح أكثر تأثيراً إذا ما تم جمع تلك البنى في بنية حزبية أشمل. وتوضيح هذا الجانب هو ما سنطرقه في الفقرة اللاحقة.

ثالثاً: العمل الحزبي:
الحزب هو أعلى درجات العمل الجماعي. وهو الوسيلة الأشمل التي تقوم بالتنسيق المنظم بين شتى بنى ومؤسسات التغيير الجماعية، من أندية ونقابات وجمعيات، وتساعدها على تخطيط حركتها وتحتضنها، وتشاركها.
تعتبر الأحزاب إحدى الظواهر البارزة في الحياة السياسية ولاسيما في الأنظمة الديمقراطية وذلك لما تقوم به من تنافس على السلطة. كما أنها تعتبر تجسيداً لمبدأ المشاركة السياسية لكل أفراد الشعب في إدارة شؤون دولتهم، بمراقبة الحاكم ومساءلته.وإضافة إلى كل ذلك القيام بالتعبير عن إرادة المجتمع بكافة أطيافه ومصالحه.
وجاء في بعض تعاريف الحزب السياسي، أنه يشكل «مجموعة من الأفراد يجمعهم الإيمان والالتزام بفكر معين. واصطلاح الحزب يستخدم للدلالة على علاقات اجتماعية تنظيمية تقوم على أساس من الانتماء الحر».
ويعرِّفه gorges burdeau بأنه: «تنظيم يضم مجموعة من الأفراد بنفس الرؤية السياسية، تعمل على تنفيذ أفكارها بالعمل في آن واحد على ضم أكبر عدد ممكن من المواطنين إلى صفوفها، والعمل على تولى الحكم أو على الأقل التأثير على قرارات السلطات الحاكمة».
وجاء في تعريف آخر، أن الحزب هو: «جماعة اجتماعية تطوعية واعية ومنظمه ومتميزة من حيث الوعي السياسي والسلوك الاجتماعي المنظم، ومن حيث الطموحات والآمال المستقبلية ولها غايات قريبة وبعيدة». وتهدف هذه الجماعة إلى الاستيلاء على السلطة «إذا كانت في المعارضة وإلى تغير سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي وحياتي يتساوق مع قناعتها واتجاهاتها».
وعلى العموم فإن الانضمام إلى جماعة حزبية تنادي بفكرة أو عقيدة تؤمن بها وتعمل على تحقيقها هو التزام واعٍ بخط من التفكير المسؤول.

1-كيف نشأت الأحزاب السياسية؟
المعنى الصحيح للحزب السياسي كما نعرفه اليوم يعود لأكثر من قرن ونصف القرن من الزمن أي إلى العام/1850/ ولم يكن هناك وجود لأحزاب سياسية في أي بلد من العالم باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية. واليوم توجد الأحزاب وتنتشر في كل مكان من العالم. وقد ارتبط نمو الأحزاب السياسية تاريخياً بنمو الديموقراطية واتساع مفهوم الاقتراع العام الشعبي ليشمل كافة الطبقات.
تختلف الأحزاب من حيث طبيعتها العضوية، ونستطيع هنا التمييز بين نوعين :
- أحزاب الكوادر أو الصفوة: تضم في الغالب أبناء الطبقة البرجوازية. وترى هذه النخب أنها تمتلك من الخبرة والقدرة على إدارة الحملات الانتخابية ما يمكنها من كسب الأصوات وإيصال المرشحين إلى كراسي الحكم.
- أحزاب الجماهير: تستقطب الجماهير لتحقيق غايات سياسية واجتماعية واقتصادية، وتعمل على تثقيفها وتوعيتها سياسياً. وإعداد نخبة منها لتولي المناصب السياسية والإدارية في الحزب والدولة إذا كان الحزب حاكماً. وتندرج في هذا الإطار الأحزاب الشيوعية والقومية والدينية.

2-وظيفة الأحزاب السياسية؟
إن الأحزاب السياسية تضطلع بأدوار بالغة الأهمية داخل المجتمعات. وهناك من يميز بين وظائف الأحزاب وفقاً لطبيعة النظام السياسي السائد (ديموقراطي أو شمولي)، كما يمكن التمييز بين وظائف الأحزاب الحاكمة ووظائف الأحزاب خارج السلطة (المعارضة).
ويمكن أن نجمل أهم وظائف الأحزاب السياسية فيما يلي :
-يضمن أسلوب عمل الأحزاب أن تكون النظريات والأهداف السياسية والاجتماعية في وضع قابل للتطبيق.
-يمارس الحزب وظيفة تجميع مصالح الناس من خلال مؤتمراته كالشكاوى والمطالب من التجمعات النقابية والعمالية والهيئات الأخرى، ليقوم بعد ذلك بوضع سياسة بديلة من أجل مطالبة الجهات المعنية بتطبيقها، كالحكومة أو أصحاب المؤسسات الخاصة. فالأحزاب تختار القضايا التي تواجه المجتمع وما يحتاجه، وتقوم بترتيب ذلك تبعاً للأولوية وتثير الانتباه إليها عبر كل وسائل النشر والإعلام.
-ومن أجل تنظيم حركة فاعلة للتأثير على الجهات المعنية، تقوم الأحزاب باختيار أفراد لشغل أدوار من نسق اجتماعي ما وتجنيدهم لقيادة تلك الحركة. بحيث يكون كل فرد مؤهلاً للنجاح في مجال نشاطه واختصاصه.
-إن الأحزاب السياسية هي بمثابة مؤسسات تعليمية. فهي تثقف الشعب وتوجهه وتمده بالمعلومات اللازمة بطريقة مبسطة وواضحة وهذا ما يساعد في خلق الوعي السياسي وبالتالي تكوين رأي عام أكثر فاعلية في البلد. لذا تقوم الأحزاب بالتنشئة الفكرية والسياسية لأعضائها، وخاصة من المؤهلين لقيادة نشاط معيَّن يتطلب وعياً فكرياً وسياسياً عاماً لأهداف حزبه من جهة، ووعياً مهنياً وتجربة مهنية في مجال معين من جهة أخرى. وقد تقتصر هذه العملية على مجرد نقل الثقافة السياسية من جيل إلى جيل. وقد تستهدف إحداث تغيير جزئي أو شامل في عناصر ومكونات هذه الثقافة. وتعتبر الأحزاب من المؤسسات المهمة التي تقوم بهذا الدور من خلال تكوين رؤية المواطن نحو المجتمع والسياسة عبر صحافتها أو ما تقوم به من نشاط تثقيفي..
-تقوم الأحزاب بمراقبة تصرفات الحكومة وأعمالها الأمر الذي يؤثر عليها ويمنعها من التجاوزات والفساد، وعلى أقل تقدير فإنها تحد منهما.
-في البلدان النامية، وعبر مراكزها ومكاتبها المنتشرة في مختلف أنحاء الدولة، تحث الأحزاب المواطنين على الانتساب إليها بغض النظر عن اختلافاتهم العرقية أو الثقافية أو الدينية. وهذا ما يسهم في إنقاذ المواطن من العصبيات الضيقة وشدِّه إلى المفاهيم الوطنية الشاملة.

3-الحزب السياسي ضرورة نضالية
خلاصة القول نرى أن الحزب يأتي في رأس الهرم المؤسساتي للوسائل التي ترمي إلى التغيير. ولهذا، في ظل نظام عام تترأسه وتقوده نخبة من الطبقات الاجتماعية العليا تعمل من أجل مصالحها الذاتية؛ وحيث إن الطبقات الفقيرة، من عمال وفلاحين وموظفين صغار...، تُعتَبر صاحبة المصلحة في التغيير، فلا يمكنها أن تحقق أهدافها من دون الانتماء إلى أحزاب منظمة، ولا أحزاب جدية من دون الاعتماد على تلك الطبقات.
ولخصوصية العمل النضالي على ساحة الوطن العربي، لا بدَّ لأي حزب، يرفع شعار الوحدة العربية ويعمل من أجل تحقيقها، من أن تكون له فروع على مستوى الأقطار العربية.

المرحلة الثالثة
لماذا الحزب القطري العربي؟
(مفاهيم وطنية ومطلبية وتحررية)

من غير المعروف على المستوى العالمي مصطلح «الحزب القطري»، و«الحزب القومي». وإنما هي مصطلحات سائدة في الوطن العربي فقط. والسبب يعود إلى خصوصيات تاريخية وفكرية وسياسية وإيديولوجية.
أسست كل شعوب العالم كياناتها القومية في بنى دول مستقلة، وأنظمة سياسية حديثة، لهذا لم يميز المصطلح الغربي، والمصلحات غير العربية، بين «القومية» و«الوطنية». بينما في المصطلح الثقافي والسياسي العربي حصل هذا التمييز، وانتشر الالتباس حول تعريف كل منهما. وقد ميَّز حزب البعث العربي الاشتراكي بينهما بإضفاء صفة «القطرية» على الأقاليم العربية التي فصلت بينها اتفاقية سايكس بيكو الاستعمارية. واستناداً إلى رؤيته الوحدوية استخدم مصطلح «الوطن العربي» كتعبير عن الجمع بين الثنائية التي يتم تعريف «الوطنية» بها، وهي «الأرض/ القوم»، أي الأرض التي يسكنها قوم لهم خصوصياتهم التي يتشاركون بها. ولهذا اعتبر أن الوطن العربي يتمثل بـ«الأرض العربية التي يسكنها قوم عرب»، فيصبح هو الكل الأشمل والأقطار هي الجزء.
وسبب الالتباس بالمصطلح العربي يعود إلى ظروف تاريخية، وعوامل أكثرها خارجي، وأقلها داخلي.
أما الظروف التاريخية فتعود، كما دلَّت أبحاثنا، إلى أن التكوين القومي العربي قد حصل عبر قرون عديدة من الزمن. ابتدأت منذ مطلع التاريخ المعروف، في حالة تفاعل تاريخي وثقافي، بين الأجزاء المعروفة في بلاد ما بين النهرين، وبلاد الشام، وحوض وادي النيل، وشبه الجزيرة العربية. وكان أكثرها تأثيراً عامل الدعوة الإسلامية التي انطلقت من شبه الجزيرة العربية، وشملت في مراحل اندفاعتها الرئيسية كل المناطق المحيطة، والمعروفة الآن كحدود شمالية وشرقية وجنوبية للوطن العربي. والجزء الغربي منها، ابتداء من ليبيا انتهاء بالمغرب الأقصى، تعرَّب بالتدريج، لغة وثقافة بفعل وتأثير الدعوة الإسلامية.
وباتساع الإمبراطورية الإسلامية، إلى أوروبا من ناحية إسبانيا، وإلى آسيا الصغرى المعروفة بـ«تركيا»، وصولاً إلى بلاد الصرب حتى أبواب فيينا، أصبحت المناطق التي تعربت أجزاء أساسية من الإمبراطورية الإسلامية، بحكم الولاء للخليفة الإسلامي، خاصة بعد سيطرة الأتراك العثمانيين على كرسي الخلافة. ولذا فقد عرفت تلك الأجزاء وحدتها تحت سيطرة العثمانيين، وكانت تابعة لها تحت مسميات دويلات متعددة. لكنها لم تعرف أية حالة وحدوية مستقلة عن جسم الإمبراطورية الإسلامية.
وبدأت الحاجة إلى وحدة الأجزاء التي تعرَّبت بعد الحرب العالمية الأولى، بعد أن انهارت الإمبراطورية الإسلامية، وبنت كل الشعوب الأخرى كيانا تها القومية. لكن هذه الحاجة، أي وحدة الأقاليم التي تعرَّبت، كانت مما يخيف الدول الاستعمارية، التي كانت فرنسا وبريطانيا من أهمها في تلك المرحلة. ونتيجة هذا الخوف الاستراتيجي قامت الدولتان المذكورتان بعقد اتفاقية بينهما أطلقتا عليها «اتفاقية سايكس – بيكو»، وفيها وضعتا حدوداً جغرافية بينها، وأطلقوا على كل جزء منها الإسم المتعارف عليه اليوم. ووزعا التركة بينهما، بما يُعرف بعصر الانتدابين البريطاني والفرنسي. ولا يزال العرب يعيشون حتى اليوم عصر اتفاقية سايكس بيكو.
وهنا تجدر الإشارة إلى أنه إمعاناً في هدف منع الأقطار العربية من التوحد، فقد وقعت بريطانياً وثيقة وعد لليهود بإعطائهم أرض فلسطين لبناء دولتهم الصهيونية عليها، وهو ما يذكره التاريخ باسم «وعد بلفور».
كان من الطبيعي أن يحقق العرب وحدتهم بعد الحرب العالمية الأولى، لكن عامل الإعاقة الخارجي، تم تعزيزه بنزعات إقليمية محلية، بابتكار صيغ قومية مفتعلة، مثل «الفينيقة، والفرعونية، والهلال الخصيب... ». وبعد أن تأكد للدول الاستعمارية أن العامل الإقليمي، كما ترسمه حدود اتفاقية سايكس بيكو ليست كافية للحؤول دون الدعوة إلى الوحدة العربية والعمل على تحقيقها، راحت تصدر دعوة أخرى تقوم على تعميق ثقافة النزعات الطائفية والدينية، تحت ستار «مشروع الشرق الأوسط الكبير». ويشكل التعميق الثقافي الطائفي الخطوة الأساسية الأولى لإعادة تقسيم أقطار الوطن العربي إلى دويلات طائفية، وإعادة تشكيلها في كيانات طائفية ومذهبية. وبالعودة إلى الخريطة المعلنة لهذا المشروع تدل على أن المرحلة الثانية من إعادة تشكيل سايكس بيكو جديدة سائرة على قدم وساق .
وأخطر ما في الأمر، ومما يدعو إلى الأسف أن حركات الإسلام السياسي الناشطة تشكل عاملاً مساعداً لهذا المشروع من خلال إعلان عدائها للفكر القومي من جهة، وتأسيس بنى طائفية أينما تستطيع ونشر الدعوات الطائفية تحت ستار الدعوة للدين من جهة أخرى.
وإننا نعتبر أن نشاط هذه الحركات هو الأخطر لأنها تحفر في ثقافة الأكثرية الساحقة من الشعب العربي الذي يتقبل تلك الدعوات لأنها مغلَّفة بستائر الدين الإسلامي، خاصة وأن الثقافة الدينية تشكل العامود الأساسي للثقافة الشعبية السائدة.
من داخل هذا السياق التاريخي أخذ الالتباس في تعريف المصطلحات يزداد وينتشر، فأخذت تسود لغة «الوطنية اللبنانية، والوطنية المصرية... »، وتحل بديلاً لما كان يجب أن يكون «الوطنية العربية».
ومن جهة أخرى أخذ التشكيك حتى بمصطلح الوطنية، القطرية منها والقومية، يزداد ويستفحل وتدور حوله الكثير من علامات الإبهام والتشكيك، وتشوَّشت مفاهيم الانتماء، وتاهت مفاهيم الهوية.
وفي تلك المتاهات ضاع المواطن العربي بين أن يكون انتماؤه إلى وطن أم يكون انتماؤه إلى دين؟ أو هل يكون انتماؤه إلى دين أم انتماؤه إلى مذهب؟
كما حلت الشكوك حول تحديد الهوية، بين أن ينتمي الإنسان إلى أمة دينية، أم إلى أمة قومية؟ وهل أمتنا عربية، أم أمتنا إسلامية؟
إنها باختصار أزمة ثقافية حادة. إنه وإن كانت مفاهيم القطرية الانفصالية، كالدعوات «الفينيقة، والفرعونية، والأمازيغية... » قد خفتت أصواتها، فإن التفكير على صوت عالٍ أخذ يرتفع من أجراس الكيانية الطائفية والمذهبية والدينية. فالخوف من الأولى أخذ ينحسر بشكل لافت، لكن الخوف من الثانية هو الذي أخذ يزداد ويتصاعد بشكل لافت أيضاً.
كل تلك الإشكاليات تستثير لدينا الكثير من المسؤوليات، ومن أهمها كيف نحول دون تفتيت القطر إلى دويلات، وكيف نحافظ على وحدة القطر الواحد، كخطوة ضرورية لاستئناف العمل بيسر على طريق الوحدة القومية.
أصبحت مهمة المحافظة على التكوين الوطني القطري من الانهيار تشكل إحدى المهام الأساسية أمام الذين يعملون على التغيير. ولهذا السبب تكمن أهمية العمل الوطني على مستوى القطر، التي نوجزها على الشكل التالي:
1-ترسيخ مفاهيم الانتماء الوطني على قاعدة الحقوق والواجبات، والاعتراف أن القطر تسكنه مجموعات إثنية، سواءٌ أكان على مستوى العرق أم ألدين أم المذهب.
والأمر كذلك، نعتبر أن التشريعات المدنية التي توحِّد بين حقوق المواطنين وواجباتهم هي التي تشكل الأساس على المستوى الدستوري وعلى المستوى القانوني، ورفض التشريعات التي تستند إلى الأساس الديني أو العرقي، إلاَّ بما يحفظ وحدة العائلة على صعيد الزواج والإرث والحقوق الروحية الدينية. ولكن على أن لا تنعكس تلك الحقوق سلباً على وحدة المجتمع الوطني.
2-ترسيخ مفاهيم المساواة بالحقوق والواجبات على مستوى الفروقات الطبقية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، على أن تراعي التشريعات القوانين مصالح شتى الطبقات وتنوعها.
والأمر كذلك، ولأن الصراع الطبقى لا يزال يمثل الأساس في بنيتنا الاجتماعية والاقتصادية، بحيث تسود طبقات النخبة الاقتصادية على مفاصل الحكم، وهو ما يتيح لها فرصة سن قوانين وتشريعات تكرس مصلحة تلك النخب، تبقى على الطبقات الأخرى أن تناضل من أجل توحيد الحقوق والواجبات ليس على صعيد التشريع فحسب، وإنما على صعيد التطبيق أيضاً.
أما على صعيد وحدة المجتمع الوطني، فلا يمكن أن تتوفر إلاَّ انطلاقاً من تهذيب التربية الدينية واعتبارها شأناً فردياً أكثر من كونها شأناً اجتماعياً أو سياسياً. أي باعتبارها شأناً يتعلق بمصير الأنفس بعد الموت. وإن السلوك الفردي، ضمن مفاهيم الأخلاق العامة، هو الذي يحدد مصير الفرد في الآخرة، ولا يتم الخلاص عبر أنظمة دينية سياسية. واستناداً إليه فإن تأسيس أنظمة على مقاييس تشريعات هذا الدين أو ذاك، أو هذا المذهب أو ذاك، لا يمكن إلاَّ أن يكون عاملاً للتفتيت والشرذمة والصراعات الدموية بين أبناء الدولة الواحدة والوطن الواحد.
وإن للدولة الراهنة مفاهيم جديدة تجاوزت مفاهيم المراحل التاريخية السابقة. والدولة الحديثة لا يمكن أن تتأسس إلاَّ على ثابتين اثنين: وحدة الأرض، ووحدة المجتمع الذي يعيش عليها. ولأن الثقافة الواحدة هي من أهم شروط وحدة المجتمع، ولأن الأديان والمذاهب ليس هناك ما يجمعها إلاَّ وحدة المفاهيم الأخلاقية. وليست هناك أسساً لثقافة واحدة بينها، ففيها الكثير مما يفرِّق، على صعيد التشريعات، نرى أنه لا بدَّ من التأسيس لثقافة أخرى تنتخب من تراث الأديان والمذاهب ما يجمع، واستبدال كل المفاهيم الأخرى بمفاهيم ثقافية جديدة تؤسس لوحدة ثقافية، وهي بدورها كفيلة بغرس عوامل التوحد الوطني بين كل تنوعات المواطنين الدينية والمذهبية والعرقية.
إن هذا الأمر يتطلب العمل من أجل محاربة المفاهيم الدينية التي يكون هدفها بناء دولة دينية. ولن يم هذا الأمر إلاَّ بفصل الدين عن السياسة.
وأما على صعيد الصراع الطبقي، فلن يتم على صعيد اجتثاث طبقة لطبقة، واستبدال ديكتاتورية طبقة بديكتاتورية طبقة أخرى، كما تدعو الماركسية. والسبب أنه طالما هناك تقسيم للعمل فهناك فروقات ومميزات، وهذا الأمر يقتضي وجود امتيازات. على أن لا تكون الامتيازات فارقة بحيث تؤسس لهوة سحيقة، اجتماعياً واقتصادياً، بين أبناء المجتمع الوطني الواحد. كما لا يجيز وجود طبقة رأسمالية تعتاش طفيلياً على جهد الآخرين وعرق جبينهم.
وأخيراً سيكون تعريفنا للقطر بأنه الكيان الجغرافي الأصغر في الكيان القومي العربي الأشمل. ولهذا القطر خصوصيات وله عموميات.
فخصوصياته هو أنه من خلال العمل النضالي، تعمل قوى التغيير فيه على تعزيز الثقافة الوطنية على مقاييس بناء الدولة الحديثة أولاً، وتعزيز الثقافة المطلبية التي تهدف إلى جسر الهوة بين الطبقات الاجتماعية على قاعدة المساواة والعدالة ثانياً، وكل ذلك يتم عبر إعداد النخبة المثقفة من بين حركات وأحزاب التغيير التي تشكل الجسر الذي يربط بين الأحزاب وقواعدها الحزبية انطلاقاً من أنه «لاتغيير في بنى الدولة من دون تغيير في البنى المعرفية للمواطن في الدولة الحديثة».
ولأن وطننا العربي يتعرض إلى هجمة استعمارية – صهيونية منذ ما يقارب القرن من الزمن، نصنِّف الأقطار العربية في دوائر ثلاث:
-بعضها واقع تحت الاحتلال العسكري المباشر.
-وبعضها الآخر معرَّض للاحتلال العسكري.
-والبعض الثالث واقع فعلاً في دائرة الهيمنة والاحتواء السياسي والاقتصادي.
واستناداً إلى هذا الواقع، نعتبر أن مهمة التحرير من الاحتلال هي من المهمات الخاصة التي تقع على عاتق المواطن في أي قطر من أقطار الأمة العربية. وهي المهمة التي تميزه عن غيره من مواطني دول العالم الثالث. إلاَّ أنه في بعض الأقطار العربية غير المحتلة تتساوى مهماته مع غيره من دول العالم الثالث، وهي المهمة التي تقتضي العمل للخروج من دائرة الاحتواء والهيمنة والخضوع للدول الرأسمالية.
ومن هنا، فإن الحزب على المستوى القطري العربي يتحمل أعباء مهمات ثلاث:
-مهمة ترسيخ مفاهيم المواطنة، أي مفاهيم الانتماء إلى وطن تنصهر فيها النزعات الطائفية والعرقية لتحل مكانها ثقافة المفاهيم الجامعة لكل التعدديات الإثنية.
-مهمة ترسيخ المفاهيم المطلبية، وهي مفاهيم المساواة بين الطبقات الاجتماعية، وردم الهوة بين التعدديات الطبقية.
-مهمة ترسيخ مفاهيم التحرر من الاحتلال، وممارسة مقاومة الاحتلال.
ولكل مهمة برنامجها النضالي النظري، وخططها العملية النضالية. وهي تلك التي تحتاج إلى عمل جماعي لا يمكن أن توفر شروطه ومستلزماته إلاَّ الأحزاب العقيدية المنظمة.
ولأن الوطن العربي يختص بميزة أنه لم يحقق وحدته السياسية تناغماً مع حالته القومية، ولأن قضايا كل قطر تتكامل مع قضايا الأقطار الأخرى، تأتي الحاجة إلى حزب يمتلك شروطاً ومواصفات قومية.
المرحلة الرابعة
لماذا الحزب القومي العربي؟
(مهامه التوحيدية والتحررية)
لا تعاني أمة من الأمم ما تعاني منه الأمة العربية. فمن خصوصياتها أنه في الوقت الذي انهارت فيه الإمبراطورية الإسلامية العثمانية، آخر إمبراطورية في التاريخ، لجأ كل شعب ينتسب إلى قومية من القوميات التي كانت تابعة لها إلى بناء كيانها السياسي الوحدوي باستثناء الشعب الذي ينتمي إلى القومية العربية، فقد حالت الدول الغربية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى دون وحدته السياسية عن سابق تصور وتصميم.
بالإضافة إلى عوائق الوحدة الخارجية نشأت على ساحات الوطن العربي تيارات وقوى وأحزاب وحركات لا تعترف بالمفاهيم القومية، واستطراداً بالمفاهيم الوحدوية السياسية، وشكلت على مدى قرن من الزمن مضى عائقاً داخلياً أربك حركة القوميين العرب وأدخلتهم في معارك وصراعات جانبية. وإن تلك التيارات والأحزاب والقوى، وإن كانت تقف من بعض أهداف الصهيونية والاستعمار على الطرف النقيض؛ إلاَّ أنها في موقفها السلبي، والمعادي في أكثر جوانبه، من المسألة القومية، قدَّمت لهما خدمات جلى عندما اقتطعت جزءاً مهماً من الشعب العربي وعملت على تضليله ثقافياً وسياسياً، وحرفه عن الاهتمام بالوحدة القومية، وليس هذا فحسب، بل وضعته أيضاً في الموقع المعادي للقومية العربية والوحدة العربية.
ففي هذه الحلقة سنلقي أضواء موجزة على أهداف القوى الخارجية والقوى الداخلية وعلى مواقفها المعادية للفكر القومي، والوحدة السياسية بين أقطار الوطن العربي.
أولاً: تحالف الاستعمار والصهيونية:
وإذا كانت الأسباب التي حدت بتلك الدول للحؤول دون تحقيق العرب لوحدتهم السياسية أصبحت معروفة في ثقافتنا القومية، فإن التذكير بها بإيجاز يخدم السياق الموضوعي لمنهجية دراستا هذه.
بإيجاز نختزل تلك الأسباب بموضوعتين: الأهداف والوسائل.
1-الأهداف:
أما الأهداف فتعود إلى أن بناء كيان عربي موحد سياسياً سيعرقل أهداف الدول الغربية في السيطرة على الوطن العربي الممتد من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي. ولأن السيطرة على هذه البقعة الجغرافية، التي تضمن أهداف تلك الدول، تعني التالي:
أ-الاستيلاء على منطقة ذات أهمية استراتيجية جغرافية تربط الغرب الأوروبي والأميركي بالشرق الأقصى الهندي والصيني.
ب-الاستيلاء على خزان اقتصادي غني بالبترول والثروات الطبيعية يشكل العصب الأساسي للآلة الصناعية الغربية الحديثة. وينطبق الأمر على الآلة العسكرية الغربية، وهي الحقيقة التي عبر عنها أحد الرؤوساء الأميركيين قائلاً: (من يسيطر على النفط يستطيع أن يحكم العالم).
ج-الاستيلاء على خزان بشري يُعد المستهلك الأكبر للسلعة الصناعية التي تنتجها المصانع الغربية الرأسمالية.
2-الوسائل:
حددت الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، وكانت كل من فرنسا وبريطانيا تمثلان طليعتها، وسائل ضمان تفتيت الوطن العربي، وهما:
أ-اتفاقية سايكس بيكو التي رسمت خطوطاً جغرافية بين أجزاء الوطن العربي، واعتبرت كل جزء منها دولة كاملة السيادة. وتوزَّعتها كحصص فيما بينها، وأعلنت كل منها انتدابها على الأقسام التي حددتها تلك الاتفاقية.
ب-وعد ب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لماذا حزب البعث؟ حزب البعث ضرورة فكرية ونضالية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لماذا حزب البعث؟ حزب البعث ضرورة فكرية ونضالية
» في سبيل البعث: مقتطفات من " البعث أصالة عربية وعقل ثوري"
» قيادة البعث تحذر بقوة حكومة المالكي من مغبة تنفيذ قرارات اغتيال قادة البعث ومجاهديه
» في ذكرى تأسيسه وأستذكارا للبداية البعث مدرسة المبادئ وينبوع السلوك الاخلاقي ( ٢ ) البعث وحديث البداية في العراق
» في ذكرى تأسيسه وأستذكارا للبداية البعث مدرسة المبادئ وينبوع السلوك الاخلاقي ( ٢ ) البعث وحديث البداية في العراق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملاك صدام حسين :: المنتدى الفكري والثقافي***(حزب البعث العربي الاشتراكي وجبهة التحرير العربية)-
انتقل الى: