بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قرار اغتيال طارق عزيز والقيادات الوطنية العراقية
موقع"جبهة التحرير العربية
لو رضوا على أنفسهم أنيشهدوا ضد الرئيس الشهيد صدام حسين أو أن يرتدّوا، لو كانوا كغيرهم إمعاتٍ تحت جزمالاحتلال، لو باعوا الوطن بالمناصب والمكاسب كبعض الثوار السابقين، لارتدواالياقات الأنيقة وربطات العنق لا حبال المشانق. لكن أحكام الإعدام صدرت فيهم،ونفذت في بعضهم، وبعضهم ما زال ينتظر، وما بدلوا تبديلاً.
وهنالك من أوهم نفسهوغيره أن القيادات العراقية الأسيرة ستنهار بالجملة بعد اغتيال الرئيس، إذ زعمواأن صداماً كان يرهبهم ويرغِّبهم فحسب. لكنهم أثبتوا أنهم أصحاب قناعات مبدئية: طهياسين رمضان، برزان التكريتي، عواد البندر، علي حسن المجيد، وغيرهم ممن أعدموا منالقيادات العراقية، فلم يتزحزحوا عن ثوابتهم مقدار ذرة، وارتفعت أحذيتهم على أعوادالمشانق فوق رؤوس القتلة ممن تسللوا للعراق على ظهر دبابات الاحتلال. ولا ننسىمحمد حمزة الزبيدي، رئيس الوزراء في النظام الوطني في العراق في أوائل التسعينات -وهو شيعي بالمناسبة - وقد استشهد في السجن تحت التعذيب، حيث عرضت قناة"العربية" في 1/5/2006 لقطات تظهر التمثيل بجثته.
وقد صدرت أيضاً أحكامٌبإعدام سلطان هاشم وسبعاوي إبراهيم وعزيز صالح النومان ومزبان خضر هادي، وكلهم منالقيادات المتقدمة في العراق الوطني. كذلك حُكم على عبد الغني عبد الغفور بالإعدامبتهمة "تصفية الأحزاب الدينية"، والمقصود حزب الدعوة الذي ينتمي إليهنوري المالكي طبعاً وقوات بدر. ويوجد على موقع يوتيوب، لمن يرغب، فيلم قصير يظهركيف صال عبد الغني عبد الغفور وجال كالأسد الهصور في قاعة المحكمة الصورية عندصدور الحكم بإعدامه.
والآن يصدر حكم إعدامبالتهمة نفسها، وهي "تصفية الأحزاب الدينية"، ضد وزير الخارجية فيالنظام الوطني طارق عزيز، وضد وزير الداخلية سعدون شاكر، وسكرتير الرئيس صدامحسين، عبد الحمود.
فماذا يجري هنا؟ وكيف تمر أحكام إعدام بالجملة كهذه مرورالكرام؟ وكيف نتغاضى عن محاكمات صورية تفتقد لأبسط قواعد العدالة، لتجعل الأحكامالصادرة عنها عبارة عن عمليات اغتيال علنية تؤكد بصورة لا تقبل الجدل تسريبات موقعويكيليكس حول جرائم الاحتلال المزدوج وأعوانه في العراق؟!
وتقول وسائل الإعلامأن طارق عزيز طلب في 2008، بعد خمس سنوات من اعتقاله، توكيل محامين له بسبب عدمقدرة محاميه حضور الجلسات لأسباب أمنية؟! فهل يعقل هذا؟! وهل من العدل في شيء أنيقبع رجل في الرابعة والسبعين من عمره في السجن طوال سبع سنوات، حتى لحظة كتابةهذه السطور، في ظروف لا إنسانية يحرم فيها ليس فقط من حقوقه القانونية، بل حتى منالقدر الأدنى من الرعاية الصحية، وهو يكابد جلطة دماغية وأمراضاً مزمنة؟! ألا يشعر"الديموقراطيون" والليبراليون العرب بحجم نفاقهم وعارهم وهم يشاهدون مثلهذه الجرائم ضد الإنسانية على الملاً، فيما يشبعوننا خطباً ومقالات وتعليقات صبحمساء عن حقوق الإنسان والحيوان والنبات، وعن حقوق الأقليات واللواط؟!
كانت تلك القياداتالوطنية تستطيع أن تفتدي نفسها بسهولة لو لم يكن شرفها الوطني وضميرها أغلى عليهامن حياتها، ولو لم يكن العراقُ حياتَها، ولو لم تكن قد تدرجت في مواقعها عبرأبجديات الوفاء. لكن ما يجري مع تلك القيادات العراقية الشهيدة ليس شأناً شخصياًبأي حالٍ من الأحوال، بل يمثل تتمةً لانتهاك العراق ولاستباحة الأمن القومي العربيمن الشرق والغرب. وعندما يسلم احتلال تلك القيادات الوطنية للنظام العميل، فإن ذلكلا يمكن أن يكون محاكمة أو عدالة، فما هو إلا قرارٌ بالاغتيال والتصفية، وجزءٌ منصفقة لاقتسام النفوذ في العراق.
وإذ يوظف النظامالعميل "حكم القانون"، الذي يشكله على هواه المريض، ليصفي حساباته معقيادات النظام الوطني، عشية تسرب وثائق ويكيليكس عن دوره في المجازر الطائفية فيالعراق، فإنه يفعل ذلك بطريقة تصب الزيت على النار وتدفع دفعاً باتجاه الحربالأهلية والفتن في الشارع العراقي والعربي، خاصة عندما تكون ذريعة اغتيال تلكالقيادات: تصفية الأحزاب الدينية! وهو ما لا يقبله أي حريص على وحدة العراق أو أينصير للمقاومة العربية.
لست من دعاة التوجهللقانون الدولي والشرعية الدولية، ولذلك أوجه الحديث لقوى المقاومة في لبنانوفلسطين بالتحديد: وحدكم تملكون إمكانية التدخل لوقف هذه المهزلة.
27تشرين الاول 2010
[/size][/size]